201

Haridat al-qasr wa garidat al-ʿasr

خريدة القصر و جريدة العصر

يا أُحَيْبابنا بجَيْرون حتى ... ومتى للغرام نَهوى فنَهوي أُهْجرونا إِن شئتمو أو صِلُونا ... قد شربنا من كلِّ مُرٍّ وحُلو الهاء وقوله: جَنِّبْ عن الدنيا إِذا جَنَّبَتْ ... عنك بإِكبارٍ وتنزيهِ فما ترى فيها فتىً زاهدًا ... إِن لم تكن قد زهِدَتْ فيهِ وقوله في أبي الحكم الطبيب: لنا طبيبٌ شاعرٌ أَشْتَرٌ ... أَراحنا من شخصه اللهُ ما عاد، في صُبْحة يوم، فتىً ... إِلاّ وفي باقيه رثّاهُ وقوله: يا بني الأَعراب إِنّ التُّرك قد جارت بنُوها عَقْرَبوا الأَصْداغ حينًا ... ولِحَيْني ثَعْبنوها الياء وقوله في طغريل السياف: أَيها السيّاف هيا ... لا تَدَعْ في البيت شَيّا داوِ قرنًا صرا تُرْسًا ... للدّبابيس مُهَيّا كم نصحناك وقلنا ... إِنتبه ما دُمتَ حيّا كلُّ نَحْسٍ أَنت فيه ... من حِراف ابن ثريّا نصر الهيتي الدمشقي هو نصر بن الحسن، من ضيعة يقال لها الهيت من أعمال حوران من ناحية اللوى. لقيته بدمشق، وتوفي بعد وصولي إليها بسنيات، بعد سنة خمس وستين وخمسمائة. أِنشدني له وحيش، وذكر أن شعره كان سالمًا نقيًا ما عليه غبار: كيف يُرْجى معروف قومٍ من اللؤ ... مِ غَدَوْا يَدْخُلون في كلِّ فنِّ لا يروْن العُلا ولا المجد إِلاّ ... بِرَّ عِلْقٍ وقَحْبَةٍ ومُغَنِّ يتمنَّوْن أضن تَحُلَّ المسامير بأَسماعهم ولا الصوت مني وأنشدني له بعض أصدقائي بدمشق: ما لي أَرى قومًا يروضُون العُلا ... وبها عليهم نفرةٌ وإِباءُ لن يشْرَكونا في القريض، وكلُّهم ... في بعض ما نأتي به شركاء زعموا بأَنّ المَيْن في أَقوالنا ... ونَسُوا بأَنّا في المقال سَواء إِن كان خُلْف القول في أِشعارنا ... نقصًا فنحن وهم به أَكفاء لا نحن نفعلُ ما نقول ولا همُ ... فإذا نظرتَ فكلّنا شعراء لكنْ لنا ولهم على أَقوالنا ... بين الأَنام مدائحٌ وهجاء فإِذا كَذَبنا، قيل عنا: أَحْسَنوا ... وإِذا همُ كذَبوا يقال: أَساءوا هذا وإِنّ لنا عيونًا مِلْؤها ... من كلِّ ما نُسِبوا إِليه حياء والله ما نسجوا على مِنْوالنا ... يومًا وإِنّا منهم بُرَآء ومن العجائب أَن يَرَوْنا دونهم ... وهمُ لنا أَرضٌ ونحن سماء وأنشدني أيضًا: لقد تعجَّبَتِ النُّظَام من مِدَحٍ ... أَزُفّها بين منظومٍ ومنثورِ أَبكار فكرٍ جلاها منطقي فأَتَتْ ... تختال ما بين تهذيب وتحبير ولا أَنال بها رِفْدًا إِذا نُشِرت ... إِلاّ سوادَ خُطوطٍ في مناشير واخَيْبةَ الشِّعرِ أُهديه إِلى نفرٍ ... عليه يَجْزُون مَسْطورًا بمسطور رفاعُهم تملأُ الدنيا بما رحُبَت ... مَلأً من المَيْنِ والبُهْتان والزُّور تُطْوى وتُنْشَر والأَدْناس تشمِلها ... في كَفِّ كلِّ سَخين العَيْن مَعْرور كأَنها، وعطاياهم مُسَطَّرةٌ ... فيها، لفائِفُ مَيْتٍ غير منشور أَو ما يُقَلّعه البَيْطار مِن خِرَقٍ ... عن كلِّ أَعجفَ غثِّ اللحم مَعْقورِ فما لها مُشْبِهٌ في كلِّ مُخْزِيةٍ ... إِلاّ مناديلُ رَبّات المواخير لا تَطَّرِحْها إِذا جاءت فإِنَّ لها ... نفعًا ولكن لترقيع الطنابير ثم وقعت بيدي مسودات من شعر الهيتي بخطه عند وصولي إلى مصر، مما قاله بها وبالشام، فنقلت منها ما تحسد دررها الدراري، ويعشق إنشآءها المشحون فلك معانيه منشآت الجواري، فمن ذلك قوله من قصيدة في ابن رزيك: لم تدر ما طعم الكَلال ولا الوَجا ... لولا تدَرُّعُها الظلامَ إِذا سجا

2 / 268