اصفر وجه عدلية وجحظت عيناها، وقالت بضراعة: لا ترهقي نفسك، ليهدأ خاطرك، سأنفذ مشيئتك على العين والرأس!
صاحت بها: كذابة، مجرمة، لصة، زانية، تحملتك سنين بلا ضرورة، لست في حاجة إلى وجهك المطين، وأنت بدوني لا تساوين مليما خردة، لا أريدك، اذهبي في داهية، في ستين داهية ، بطرتك النعمة، لم تقنعي بامتلاك كل شيء في بيتي، فعملت ليل نهار على إذلالي وتخويفي وتعذيبي، إني أطردك، لا تريني وجهك بعد اليوم، اذهبي، في ألف داهية، في ألف مليون داهية.
تراجعت عدلية خطوات، ركبها الذعر حتى زعزع جذور عقلها، استدارت وهي تتلفت، ثم اندفعت كريح هوجاء وهي تصرخ بأعلى صوتها.
حلم
شجرة طويلة عريضة من الألقاب والأوصاف، ولكن بلا ثمرة؛ فهو عامل ميكانيكي بشركة الشرق للمعادن، وله من الأولاد سبعة، ولكن يوميته ثلاثون قرشا، وهو لا يطلق لحيته توفيرا لتكاليف حلقها فحسب، ولكن لأنه أيضا من رجال الطريق، ومريدي الشيخ. عند انطواء نهار العناء، يهرع إلى زاوية الكومي ويجلس بين يدي الشيخ، ما أنبله! وما أطيبه ذلك البحر الذي يزخر بعلم الله، إنه يلقنه آداب الدنيا والدين، ولكن برجوعه آخر الليل إلى البدروم، يجد في انتظاره المتاعب، هناك المرأة التي أحدها الدهر؛ أحد لسانها وأطرافها ومزاجها. - طبعا لا تعرف ما فعل الأولاد، وما حصل؟ - يا سيدي يا كومي، أكان الأولاد يكدرون صفاء روحك؟ لماذا لا يحدث الشيخ عن الأولياء في بيوتهم؟! - إني أعطيك جميع ما أملك، فلا تبقى معي إلا اللعنات.
ويجمح به الغضب، فيزل اللسان وينحرف عن أدب الدنيا والدين، ويتبدد جهاد الليل سدى.
وذات صباح، وجد نفسه أمام المدير وجها لوجه في الجراج الكبير، حياه بخير ما يجود به الولاء، وهتف بالدعاء له، وقال: يا سعادة المدير، رأيت لك حلما يجب أن تسمعه.
لكنه لم يوله أي اهتمام، ومضى في سبيله. •••
أي حلم رآه ذلك الأحمق!
لم يعد للأحلام معنى، لم يعد للطمأنينة مستقر، الشركة وحديقة الموز بالشرقية وعمارة الخازندار، انقلبت تهما موروثة، وتبخر الطموح السياسي، أي حلم أيها السني القذر! والشائعات تنتشر في الجو مخلفة وراءها ذيلا طويلا من القلق. أليس عجيبا بعد ذلك أن يقول له صديق إن الغد هو الأمل؟ أي أمل يا صاحبي؟! وقال له: لنكن واقعيين.
Página desconocida