وآن له أن يذهب، فصافحها بحنان ثم ودعها وانصرف.
شعرت عيون بأنس لم تشعر به منذ دهر طويل، ونادت عدلية ثم قالت لها: عدلية، إذا جاء الشيخ طه فاستقبليه بلطف وإنسانية.
قطبت عدلية ساخطة، وقالت بتأفف: لكنه رجل قذر يا ستي! - إنه مقرئ بيتنا القديم، وقد ورثت صداقته عن أمي وأبي. - لقد رأيت قملة على جبته يا ستي.
فقالت بحنق: لا يهمني ذلك، إنه رجل مبارك.
فقالت المرأة بنبرة وشت بوعيد: ولكنني لا تنقصني المتاعب!
فقالت عيون بإلحاح: صبرك بالله، إنها رغبتي وأنتظر أن تحترميها! - قلت إنني رأيت ...
فقاطعتها بتصميم: إنه رجل مبارك، وعليك أن تنفذي مشيئتي.
تجهم وجه عدلية وهمت بالكلام، ولكن بادرتها عيون بإصرار: عليك أن تنفذي مشيئتي دون مناقشة!
تراجع وجه عدلية إلى صورته العادية في دهشة أو ذهول، ورمقتها بنظرة قلقة مستطلعة، ترامقتا طويلا فلم تجفل عيون تحت نظرتها النافذة. وجدت نفسها تصر على التحديق أو التحدي، واستهانت بعجزها ومخاوفها، وتمادت في التحدي. وارتعدت في باطنها، ولكن بحمى النصر، فتهيأ لها أنها تتعملق.
واختلج جفنا عدلية مليا، ثم غضت البصر، وغادرت الحجرة وهي ترطن بكلام غير مفهوم، ولكن عيون طمحت إلى مزيد من الطمأنينة والثقة، فنادتها مرة أخرى، وجاءت عدلية وهي تقول بتذمر وضيق: الأكل فوق النار.
Página desconocida