يحد المنطقة التي جرت فيها الحركات من الشرق الدهناء، وهي الساحة الرملية الممتدة من الشمال الغربي إلى الشرق الجنوبي في شرقي القصيم، وكانت الدهناء ولا تزال المفازة التي تفصل أرض السواد (أعني العراق) عن بلاد نجد، ويحدها من الشمال جبل شمر، أعني بلاد طيء المرتفعة التي تمتد جبالها على ما سبق من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي، وأخطرها جبلا سلمى في الجنوب، وأجأ في الشمال، وفيها وديان كثيرة أجلها شأنا وادي حائل، وهو يبدأ من بزاخة طيء بشعاب متعددة، ويفصل الجبلين أحدهما عن الآخر؛ حيث تنصب فيه عدة شعاب من الشمال والجنوب، وتغمره بالمياه في موسم الأمطار، وقد شيدت على جانبيه القرى التي ترتوي بمياه الآبار المنصرفة إليها من الجبال، ولما كان جبل سلمى وجبل رمان يشرفان على وادي الرمة من الجهة الشمالية، فالشعاب التي تمر بالأطناف الجنوبية تنحدر جميعا إلى ذلك الوادي، وهذه الأطناف هي الحدود الفاصلة بين حي بني أسد وحي فزارة من بني غطفان وقريتي فيد وطابة لبني طيء وهما على الحدود.
ويحد منطقة الحركات من الغرب حرة خيبر، ومن الجنوب الهضبة المشرفة على وادي الرمة من الجنوب، وفيها بنو سليم في الشمال وبنو عامر في الجنوب وموقعا العمق في الغرب ورابية أبان الأبيض في الشرق في أرض بني سليم.
والوادي أرض منخفضة بين هضبتين مرتفعتين، تنصرف إليه جميع المياه التي تنزل عليها في موسم الأمطار، وإذا حفرنا الآبار في بطنه على عمق بضع أقدام نعثر فيها على ماء كثير. والطريق التي تصل المدينة ببلاد القصيم تمر بهذا الوادي، وبعد أن يترك المدينة يمر بالبقعاء أو ذي القصة بالقرب من سابية، ثم بالشقرة فالربذة بالقرب من الحناكية فالمشقق فبئر الطرفة، فإلى جنوب أكمة الخيمة؛ حيث يدخل أرض بني أسد، ويمر بعد ذلك بين الأبانين: أبان الأسود في الشمال، وأبان الأبيض في الجنوب، والأسود في أرض بني أسد إلى أن يمر بشمال الرس، وهو بئر ماء لبني أسد فيصل إلى القريتين في بلاد قصيم، أعني العنيزة في الجنوب وبريدة في الشمال، وكلتاهما في حي بني تميم.
ويسكن بنو أسد في الساحة الواسعة التي في شمال الوادي من جنوبي فيد وأطابة غربي السميراء والظهران السليلة.
وفي غربي النقرتين نقرة السلاسل ونقرة الخطوط وجبل سارة، وفي أرض بني أسد يقع موقع الغمر وهو رابية مرتفعة تشرف على وادي الغمر الذي ينبع من سفح جبل الموشم الشمالي ويصب في الكهفة، وبالقرب منه تقع بزاخة بني أسد، وهي الموقع الذي نشبت فيه المعركة بين جيش خالد وجيش طليحة.
والذي جعلنا نميل إلى الاعتقاد بأن موقع بزاخة في هذا المحل، هو ما ذكره ياقوت الحموي في معجمه نقلا عن ابن الكلبي، أما الأصمعي فيروي أن بزاخة ماء لطيء، وفي جبل طيء موقع آخر يسمى بزاخة. وعلى ما يظهر لنا من مجرى الحركات أن القتال بين المسلمين وبين المرتدين لم يقع في أرض طيء؛ بل وقع في أرض بني أسد بالقرب من الغمر، ولا سيما أن خالدا بعد انتصاره على طليحة وجه سراياه في جهات مختلفة مطاردا فلول المنهزمين، وهذه السرايا قاتلت المنهزمين في جبل رمان في الأبانين. ولا يعقل أن المعركة نشبت في بزاخة طيء والمطاردون يطاردون المنهزمين إلى رمان والأبانين؛ بل من المعقول أن تنشب المعركة في جوار الغمر فيشرد المنهزمون إلى أنحاء مختلفة فينهزم بنو فزارة إلى حيهم في جنوبي الرمان وغربيه، وبنو أسد إلى الأبانين وإلى ظفر في جوار كهفة وإلى النقرة؛ أعني إلى حدود الحي.
وفي منتهى الشرق بلاد بني تميم والقصيم على الحدود بين أسد وبني تميم، وهي من أغنى البقاع الواقعة في نجد وتحدها رمال الدهناء من الشرق، وفي غربيها مراعي الحزن، وفي شرقيها مراعي الصمان، وكلتا البقعتين من أخصب المراعي وهما لبني تميم. وبنو يربوع في الحزن إلى وادي حائل، والصمان إلى بني حنظلة، وماء الطريفة في شمالي البريدة لهم أيضا. والبطاح في جنوبي الحزن وفيه قرية بريدة وموقع البعوضة والقعرة، وهو مشهور بجودة الكلأ، وفيه دارت الدائرة على مالك بن نويرة رئيس بني يربوع.
ولا تزال إحدى ضواحي البريدة تسمى بالبطاح، والعصبة تتألف من أربع ضواح؛ وهي جردة وجديدة وشمال وبطاح، وموقع النباح في حي بني تميم، وهو المحل الذي وصلت إليه سجاح برجالها فقاتلها بنو تميم وكسروها، وهو واقع في الحزن على طريق الكوفة بعد الفيد. (12) نسبة القبائل
من المفيد أن نذكر نسبة القبائل وقرابة بعضها لبعض، وأكثر القبائل التي ارتدت عدنانية تنتسب إلى مضر، ما عدا قبيلة بني حنيفة فهي من ربيعة.
والقبائل العدنانية تنتسب إلى شعبين كبيرين، وهما مضر وربيعة.
Página desconocida