John Maynard Keynes: Una breve introducción

Cabd Rahman Majdi d. 1450 AH
10

John Maynard Keynes: Una breve introducción

جون مينارد كينز: مقدمة قصيرة جدا

Géneros

وعندما فرض التجنيد الإجباري في يناير 1916، أراد كينز من ماكينا ورانسيمان وغيرهما من قادة الليبرالية الأسكويثية أن يستقيلوا من الحكومة، واقترح انضمامه وإياهم للمعارضة. وحينما بقوا في مناصبهم، بقي في منصبه هو الآخر، لكن بعد أن قدم طلبا بإعفائه من الخدمة العسكرية بوصفه رافضا لها، وهي خطوة رمزية بما أنه كان معفى بالفعل بسبب عمله في وزارة الخزانة. وفي الأشهر الستة التالية، استغل منصبه الرسمي ليساعد دانكان جرانت وغيره في الحصول على الإعفاء من الخدمة العسكرية؛ إذ كان يشهد - كما قال - «على إخلاص أصدقائه واستقامتهم وصدقهم.» لم يكن كينز ورفقاؤه من دعاة السلام بالمعنى المعروف، لكنهم كانوا ليبراليين يؤمنون بأن الدولة ليس لها الحق في إجبار الناس على القتال. كما أنهم آمنوا بأن هذه الحرب لم تستحق خوضها، وبأنه يجب بذل كل ما يمكن لإيقافها من خلال تسوية سلمية. وفي ديسمبر عام 1916، أصبح لويد جورج رئيسا للوزراء في ظل أزمة مالية هددت بحرمان بريطانيا من وسائل تمويل مشترياتها العسكرية من الولايات المتحدة. وكتب كينز لدانكان جرانت في 14 يناير 1917 يقول: «اللعنة عليه (قاصدا لويد جورج) ... إنني أصلي من أجل أن تحدث أزمة مالية طاحنة، ومع ذلك أكافح في سبيل منعها؛ لذا فإن كل ما أفعله يتنافى مع كل ما أشعر به.»

كان من بين عوامل زيادة كراهية كينز للحرب أنها كانت تجعل بريطانيا تعتمد على الولايات المتحدة. ومع استنفاد موارد بريطانيا كان عليها أن تقترض من الولايات المتحدة لتساعد حلفاءها، وخاصة روسيا. وفي 24 أكتوبر عام 1916، وفوق الأحرف الأولى من اسم ريجنالد ماكينا وزير الخزانة، كتبت كلمات - صاغها كينز بكل تأكيد - جاء فيها: «إذا استمرت الأمور على منوالها الحالي ... فسيصبح رئيس الجمهورية الأمريكية في وضع ... يسمح له بإملاء شروطه علينا.» تلك الكلمات سجلت لحظة انتقال الهيمنة المالية عبر المحيط الأطلنطي. وتكرر الموقف ذاته لاحقا في الحرب العالمية الثانية. وزاد إدراك كينز أفول نجم بريطانيا (وأوروبا) في مقابل بزوغ نجم الولايات المتحدة من إلحاحه في المطالبة بالتفاوض من أجل السلام، وشكل هذا جزءا كبيرا من تفكيره فيما بعد الحرب.

في سبتمبر 1917 ذهب كينز إلى واشنطن ليشارك للمرة الأولى في مفاوضات القروض، ولم تعجبه تلك التجربة. وكتب إلى دانكان جرانت يقول: «إن الشيء الوحيد الودود والأصيل حقا في الولايات المتحدة هو الزنوج الرائعون.» ولم يعجب الأمريكيون بكينز كذلك؛ حيث خلف «انطباعا سيئا عنه هناك بسبب وقاحته»، حسبما قال باسيل بلاكيت، وهو أحد ممثلي وزارة الخزانة بالسفارة البريطانية. وكان ذلك بداية علاقة مضطربة استمرت حتى وفاة كينز.

وبنهاية عام 1917، اقتنع كينز، كما قال لوالدته، بأن استمرار الحرب معناه «انتهاء النظام الاجتماعي الذي طالما عرفناه ... إن ما يرعبني هو فكرة «الفقر العام». ففي خلال عام من الآن سنكون قد خسرنا ما نستحوذ عليه في العالم الجديد، وسيرهن هذا البلد للولايات المتحدة.» تلخص هذه الكلمات المزاج الذي ساد كتابه «الآثار الاقتصادية للسلام»، الذي نشر في ديسمبر من عام 1919، وهو رثاء لعصر ولى، كما أن فيه هجوما عنيفا على معاهدة فرساي. وفي غضون ذلك، كانت روسيا قد استسلمت للثورة البلشفية، واندلعت الثورات في ألمانيا والمجر، وساد التضخم، وعانت معظم دول أوروبا من الجوع. ومع ذلك، كان ما يشغل بال صانعي السلام هو «الحدود والسيادة». وحاول كينز، بوصفه أحد كبار ممثلي وزارة الخزانة البريطانية في مؤتمر باريس للسلام، أن يقنع لويد جورج بالموافقة على الحصول على مبلغ معقول كتعويضات من ألمانيا. وعندما فشل في ذلك استقال في 7 يونيو 1919، وألف كتابه عن السلام في صيف عام 1919 في تشارلستون بساسيكس حيث تعيش فانيسا بيل ودانكان جرانت.

استنكر كتابه حمق صناع السلام الذين حاولوا أن ينتزعوا من ألمانيا تعويضا لا يمكنها دفعه. وتنبأ كينز بأن محاولات إجبار ألمانيا على دفع التعويضات سيدمر الآليات الاقتصادية التي اعتمد عليها رخاء أوروبا القارية قبل الحرب. كما توقع أن تشن ألمانيا حربا انتقامية. وضم الكتاب صورا مميزة لكبار صناع السلام، من أمثال جورج كليمنصو ووودرو ويلسون، إلا أن كينز استثنى صورة لويد جورج بناء على نصيحة أسكويث.

كانت اقتراحات كينز الرئيسية هي شطب كل الديون فيما بين دول الحلفاء، وتقليل التزامات ألمانيا الخاصة بالتعويضات إلى مبلغ سنوي معقول يمكن دفعه لفرنسا وبلجيكا، ومساعدة ألمانيا لتعود رائدة الاقتصاد في أوروبا القارية، وأن يعاد بناء روسيا «من خلال المؤسسات والمشروعات الألمانية.» وكان الهدف من شطب الديون فيما بين دول الحلفاء بعد الحرب هو التحرر من التمويل الأمريكي لأوروبا؛ فقد أيد كينز القروض الأمريكية لاستعادة الصناعة الأوروبية لسابق عهدها ، ولدفع تكاليف واردات الغذاء الأساسية، والعمل على استقرار أسعار العملات. لكنه عارض بشدة اقتراض الأوروبيين من الولايات المتحدة لخدمة أعباء الدين الثقيلة.

أصبح كتاب كينز أحد الكتب الأكثر بيعا على مستوى العالم، وكان له تأثير عميق في فكر ما بعد الحرب، كما جعل كينز مشهورا في جميع أنحاء العالم. وسيكون تسطيحا للأمور أن نعتبر الكتاب هو ما «خلق» مناخ التهدئة تجاه ألمانيا؛ فقد كان النفور من دعاية الحرب قد بدأ فعلا. ولم يفعل الكتاب سوى أنه حول الانتباه من سياسات القوى العظمى إلى أسباب الرخاء الاقتصادي. وضع كينز الاقتصاد في الصورة بالنسبة لعامة الجماهير المطلعة، وبقي الاقتصاد في الصورة منذ ذلك الحين. كما بدأت فكرة الحاجة لإدارة الرأسمالية في الترسخ في الأذهان. فلم يخرج كينز من الحرب اشتراكيا ولا بلشفيا. وأخذ يقول إن الاشتراكية وجدت لظروف لاحقة؛ أي بعد حل المشكلة الاقتصادية، وفي ذلك صلة غريبة بالماركسية الكلاسيكية. وظل كينز ليبراليا إلى أن مات. وكانت المهمة التي أخذها على عاتقه هي إعادة بناء النظام الاجتماعي الرأسمالي على أساس من الإدارة الفنية المحسنة.

تسببت الحرب كذلك في إعادة ترتيب حياة كينز الشخصية؛ حيث تخلصت من صبغتها الجامعية التي استمرت حتى عام 1914. وأصبح كينز الآن رجلا عظيما له وزنه في مسائل التمويل الدولي، وتسبب كتاباته اضطراب العملات، ويسعى إلى مشورته رجال المال والسياسة والمسئولون في جميع الدول. عاد كينز إلى كامبريدج في أكتوبر 1919، لكن كامبريدج لم تعد مركز حياته كما كانت؛ فقد أصبح يقيم فيها وقت الدراسة فقط، وحتى مع ذلك اقتصرت الإقامة على نهايات الأسبوع المطولة (عادة من مساء الخميس حتى صباح الثلاثاء)؛ حيث يجمع فيها كل تكليفاته التدريسية القليلة ولجانه الجامعية وحياة اجتماعية تمحورت حول عائلته التي تعيش في بيته القديم وبعض الأصدقاء المقربين من بين زملائه الأصغر سنا. وفي الفترة بين الحربين أصبح كينز أمين صندوق ناجحا على نحو مذهل في كلية كينجز كوليدج؛ حيث زاد رأسمال صندوق الكلية من 30 ألف جنيه استرليني عام 1920 إلى أكثر من 300 ألف جنيه بحلول عام 1945.

كان سكن كينز في لندن في 46 ميدان جوردون، الذي يعتبر «النصب التاريخي» لمجموعة بلومزبيري. وكان يقضي هناك منتصف الأسبوع في وقت الدراسة والجزء الأول من كل عطلة. وازدحمت حياته في لندن بأنشطة أكثر. ففي بعض الأوقات شغل كينز مناصب في مجالس إدارة ما لا يقل عن خمس شركات استثمار وتأمين، كان أكبرها الشركة الوطنية للتأمين التعاوني على الحياة؛ حيث كان رئيسا لمجلس إدارتها بين عامي 1921 و1937. وفي عامي 1923 و1931، كان أكبر مساهم ورئيس مجلس الإدارة في جريدة «نيشان آند أثينيوم» الأسبوعية؛ حيث عمل عن قرب مع محررها هوبرت هيندرسون. كما كان يحرر دورية «إيكونوميك جورنال» (1911-1937) من لندن أيضا. فكانت لندن مهمة لكينز بوصفها منطلق نفوذه؛ إذ كان على اتصال مباشر مع رئيس الوزراء والوزراء في معظم سنوات الفترة فيما بين الحربين. وفي عشرينيات القرن العشرين انطبعت أفكاره المطورة عن السياسات الاقتصادية على الفكر الرسمي من خلال الاجتماعات الشهرية لنادي الثلاثاء، وهو ناد لتناول الطعام للمصرفيين وموظفي الخزانة والاقتصاديين والصحفيين الاقتصاديين، أنشأه سمسار الأوراق المالية أوزوالد فولك عام 1917، وفي الثلاثينيات سعى كينز للتأثير في السياسة من خلال عضويته في المجلس الاستشاري الاقتصادي التابع لرئيس الوزراء.

في عشرينيات القرن العشرين كان أوزوالد فولك شريك كينز الأول في استثماراته. وبدأ كلاهما المضاربة على العملات بمجرد انتهاء الحرب، واستمرت مضاربتهما في السلع. وبالرغم من تعرض كينز لثلاث أزمات كبيرة - في عام 1920، وفي عامي 1928 و1929، وفي عامي 1937 و1938 - فقد تمكن من زيادة قيمة صافي أصوله من 16315 جنيها استرلينيا في عام 1919 إلى 411238 جنيها استرلينيا - وهو ما يساوي 10 ملايين جنيه استرليني اليوم - قبل وفاته. وخلال سنوات ما بين الحربين، تغيرت فلسفته الاستثمارية من المضاربة على العملات والسلع إلى الاستثمار في أسهم الشركات الممتازة مع تغير نظريته الاقتصادية. وكان فشل نظريته الاستثمارية التي تقوم على فكرة «دورة الائتمان» في إدرار أرباح عليه سببا في تحوله إلى نظرية «الغرائز الحيوانية» في السلوك الاستثماري في كتابه «النظرية العامة»، وإلى فلسفة استثمارية شخصية تقوم على فكرة «الإخلاص». (فمن أجل التغلب على تقلبات الاستثمار ، طالب كينز باعتبار العلاقة بين المستثمر وأسهمه مثل العلاقة بين الزوج وزوجته.) وكانت الصحافة كذلك مصدرا كبيرا لكسب الأموال، وخاصة في أوائل العشرينيات. وربح من ثلاث ضربات استثمارية موفقة بين عامي 1921 و1922، بجانب مكاسبه من الصحافة، ما يعادل 100 ألف جنيه استرليني في يومنا هذا. ومكنه نجاحه في جمع الأموال من تمويل أنشطته كمحب لجمع الصور والكتب النادرة، مسترجعا فكرته المثالية في شبابه عن الحياة الطيبة.

Página desconocida