بعد قليل عن هذا الكتاب حديثا مفصلا.
لما توفي السلطان أبو فارس عبد العزيز واصبح الآمر بيد ابن غازي الوزير صديق لسان الدين والوصي على ابن صغير من أبناء السلطان هو أبو زيان محمد السعيد، كثرت القالة في الوزير لأنه بايع صبيا وقال الطامحون والمعترضون في الأندلس والمغرب أن البيعة له لا تجوز فألف لسان الدين انتصارا لصديقه كتاب " أعمال الأعلام في من بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام " (١) وفيه يقول رادا على أهل الأندلس: " فمتى نبس أهل الأندلس بإنكار بيعة صبي صغير، أو نيابة صاحب أو وزير فقد عموا وصموا، وخطروا بربع الأنصاف فاعرضوا وما الموا، وبما سنوه لغيرهم ذموا " (٢) .
كل هذا وابن الأحمر لا يفتر عن المطالبة بابن الخطيب وقد فسد ما بين البلاطين - بلاط غر ناطة وبلاط فاس - بسبب تمسك الوزير ابن غازي بحماية صديقه وعدم إسلامه إلى أعدائه، واتصلت كتب ابن زمرك بابي العباس المستنصر ووزيره محمد بن عثمان تحثه على الثورة وخلع الصبي أو اسط عام ٧٧٥، وانتصر أبو العباس في هذه الحركة في أوائل ٧٧٦، فتحقق لبلاط غر ناطة ما يريده، إذ قبض السلطان الجديد على لسان الدين، أودع السجن، وأرسل الخبر بذلك إلى ابن الأحمر، فأرسل كاتبه ابن زمرك إلى فاس، وعقد لابن الخطيب مجلس وبخ فيه وعذب على مشهد من الملأ، ثم دس له أحد مبغضيه من قتله في السجن خنقا ثم طرح في اليوم التالي
_________
(١) سماه المقري: أعلام الأعلام بمن بويع من ملوك الإسلام قبل الاحتلام (النفح ٧: ١٠٧) ثم أورد اسمه كما ذكرناه هنا (٩: ٣٠٧) .
(٢) المصدر نفسه.
1 / 10