الحرية بدون عدل مثل السلام بدون عدل، نحن نرى هذه الخدعة التي تقاوم بها إسرائيل وأمريكا تحت اسم السلام لسلب الشعب الفلسطيني من حقوقه العادلة، هذه هي الديمقراطية الغريبة الزائفة، وقد كشفت تماما ولم تعد صالحة، وهي يبحثون الآن عن خدعة جديدة لتضليل الشعوب.
وبالمثل في الأعمال الإبداعية فإن مفهوم الحرية في بلادنا غير مفهوم؛ لأن الحرية والمسئولية هما وجهان لشيء واحد.
إذا تربى الإنسان المبدع منذ الطفولة على الحرية فإنه يكون مسئولا عن عمله الإبداعي، وليس في حاجة إلى الحكومة أو وزارة الثقافة لتفرض عليه الوصاية.
إن الطفل الذي يتعود على الوصاية وانتظار الأوامر والتوجيهات يصبح حين يكبر هو الوزير الذي ينتظر الأوامر العليا، والتوجيهات من السيد الرئيس.
إن الطفلة أو الطفل الذي يتربى في جو من الحرية والجدل والمناقشة، بدلا من القمع والطاعة، ينشأ مبدعا حرا ومسئولا في آن واحد عما يفعل وعما يكتب.
هذه الأزمة الفكرية في بلادنا تؤكد التناقض الذي نعيش فيه، أو الازدواجية الأخلاقية والسياسية والدينية التي تسود مجتمعاتنا.
في الوقت الذي نقدس فيه الشعب في موسم الانتخابات، ونعطيه حرية اختيار ممثليه في مجلس الشعب، فإن هذا الشعب يصبح قاصرا وعاجزا عن اختيار ما يقرأ من روايات؟!
لا شك أن الحكومة أو وزارة الثقافة (أو أي وزارة أخرى) ليس من حقها أو واجبها محاكمة المبدعين أو الحكم على الأعمال الإبداعية؛ لأن الضمير الإبداعي لدى موظف الحكومة (وإن كان وزيرا) ليس أكثر وعيا أو حرية أو مسئولية من ضمير المبدعين من الرجال أو النساء.
لكن السؤال: كيف يتكون الضمير الإبداعي إذا غابت الحرية؟ وكيف يتكون الإحساس بالمسئولية (تجاه الذات والآخر) إن غابت الحرية في البيوت والمدارس والجامعات والأحزاب والجمعيات؟!
هذه المعركة الأخيرة بين وزارة الثقافة والمثقفين تؤكد أننا في حاجة إلى طرح السؤال مرارا وتكرارا: من يحكم على العمل الإبداعي؟
Página desconocida