234

Kashif Amin

الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين

قلت: ولاختلاف الأئمة عليهم السلام في العرش والكرسي كما مر لم يصر القول فيهما قطعي الدلالة فلحقت المسألة بالظنيات، غير أنه لا يعمل بالظني إلا في المسائل العملية دون العلمية، فإذا انتفى الدليل القاطع فيها لم يجز العمل بالظن لقوله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا} [الإسراء:36]، وحينئذ فيجب الوقف هل العرش والكرسي حقيقة أو مجاز، لأن الدليل العقلي إنما دل على بطلان القول بأنه يجوز عليه تعالى الاستقرار في عرش أو كرسي أو على أي مكان لا على بطلان القول بخلقهما على الحقيقة قبلة للملائكة أو لحكمة خفيت علينا، أو لأن في خلقهما والعلم بذلك لطف لبعض المكلفين فالكل لا مانع منه وقوله تعالى: {وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم } [الزمر:75]، ظاهر الآية يشهد للقول الثاني، وقد جعله الإمام القاسم قدس الله روحه مجازا وتعبيرا عن تعظيم الملائكة عليهم السلام لله تعالى أبلغ تعظيم حيث كان المخاطب لا يعرف التعظيم البالغ في الشاهد إلا للملوك عند الحفوف بها وهي على أسرتها، وهذا كما ترى تأويل خلاف الظاهر لكن لما لم يكن في المسألة إجماع على أحد القولين صارت مترددة بين الاحتمالين ولا مرجح غير الظنيات من ظواهر الآيات والروايات الآحاديات، فلزم الوقوف مع القطع بأنه تعالى ليس بذي مكان لإجماع العترة عليهم السلام على ذلك، وإجماعهم حجة قطعية كما هو مقرر في موضعه، وسيأتي الاحتجاج عليه إن شاء الله تعالى، ولقضاء العقل بذلك وعدم تجويز المكان عليه تعالى، وهذا هو اللازم معرفته على المكلف دون العلم هل العرش والكرسي حقيقة أم مجاز ؟ فهذا ما ظهر في المسألة، والله أعلم.

Página 261