Kashif Amin
الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين
Géneros
وأخرج القاضي عن عبادة قال صلى الله عليه وآله وسلم: " إن من أفضل إيمان المرء أن يعلم أن الله معه حيث كان ".
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يخلو منه مكان ولا يتبدل عنده زمان إلى غير ذلك، وأشار المؤلف عليه السلام إلى معنى الآية المذكورة ونحوها مما ذكر وقوله تعالى:{وما كنا غائبين} [الأعراف:7]، { ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون} [إبراهيم:42]، إنما ذلك تمثيل لعلمه تعالى وتدبيره واقتداره بقوله: [ بعلمه لا يلاصقهم وهو ساخط عنهم ولا يفارقهم ]، لعل أن في ذلك تقديم وتأخير من جهة أحد النسخ وأن الأصل لا يلاصقهم ولا يفارقهم وهو ساخط عنهم يعني أنهم في حال أن يعملوا ما يسخطه تعالى من المعاصي لا يكون ذلك سببا لمفارقتهم، وكذلك العكس وهو ما إذا عملوا ما يرضيه من الطاعات لا يكون سببا لملاصقتهم لأن الملاصقة والمفارقة من صفات الأجسام المحدثة وهو متنزه عن ذلك، وإنما لم يقل وهو راض عنهم استغناء واستكفاء بما ذكر في الثاني من قوله: وهو ساخط عنهم، إيثارا للاختصار واستعمالا للحذف الذي هو أحد أنواع البديع ومنه قوله تعالى: {سرابيل تقيكم الحر} [النحل:81]، ولم يذكر البرد لأن ما وقى من الحر وقى من البرد ، فآثر الاختصار والحذف اتكالا على فهم المخاطب ليكسب الكلام بلاغة وفصاحة وحسنا والله أعلم.
الثالث: أن الله تعالى يعلم الأشياء المعدومة التي ستوجد قبل وجودها كما يعلم الأشياء الموجودة، وحكي الخلاف في ذلك عن جهم بن صفوان وهشام بن الحكم فقالا: لا يعلم الله الشيء إلا عند وجوده، وهؤلاء ومن وافقهم الذين يقولون: إن الأمر أنف يعني لم يتعلق به علم سابق إنما هو كالمستأنف العلم به حال وجوده.
Página 140