بسم الله الرحمن الرحيم كشف النور عن أصحاب القبور الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، يقول الحقير عبد الغني ابن إسماعيل النابلسي الحنفي: هذه رسالة كتبتها في ظهور كرامات الأولياء بعد موتهم وحكم رفع البناء عليهم وتعليق الستور إلى غير ذلك وسميتها " كشف النور عن أصحاب القبور ". وأسأل الله تعالى أن يلهمني ما هو الحق والصواب وأن يوفق إخواني المسلمين إلى الإنصاف عند ظهور الحق والاعتراف، والله على كل شئ قدير وبالإجابة جدير.
اعلموا إخواني في رضاعة ثدي الإسلام أن الكرامات التي أكرم الله تعالى بها أولياءه المقربين إلى حضرته أمور خارقة لعادة الله في خلقه، خلقها الله تعالى بمحض قدرته وإرادته لا مدخل لقدرة الولي المخلوقة فيه ولا لإرادته المخلوقة فيه أيضا على التأثير فيها البتة وإنما قدرة الولي وإرادته المخلوقتان فيه سبب لخلق الله تعالى تلك الكرامات على يديه ونسبتها إليه، وكل من اعتقد أن الولي له تأثير في شئ من ذلك فهو كافر بالله تعالى على ما عرف في علم التوحيد.
وحقيقة أمر الولي في خلق الله تعالى الكرامات على يديه أنه متحقق بوحدانية الله تعالى في التأثير. وأنه لا تأثير له عند نفسه البتة حتى أن حركات نفسه التي هي القوى الروحانية المتشعبة في البدن وهي القوة الباصرة والقوة السامعة والقوة الذائقة والقوة اللامسة والقوة الشامة والقوة العقلية الباطنية المتفكرة والمتخيلة والحافظة. وكذلك الحركات الظاهرة في جميع الأعضاء والأعصاب ونحو ذلك، فإنها مخلوقة فيه لله تعالى. وهو مشاهد لجميع ذلك في نفسه ومتحقق به في كل وقت إلا إذا سلط الله عليه الغفلة في بعض الأحيان فيكون في ذلك الوقت ليس بولي الله تعالى إلا بحسب ما مضى كالمؤمن النائم فإنه مؤمن بسبب
Página 3