Desvelando las Dificultades
كشف المشكل من حديث الصحيحين
Editor
علي حسين البواب
Editorial
دار الوطن
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
الرياض
فَقَالَ أَبُو مُوسَى: فَكيف بِهَذِهِ الْآيَة: ﴿فَلم تَجدوا مَاء فَتَيَمَّمُوا﴾ [الْمَائِدَة: ٦] قَالَ عبد الله: لَو رخص لَهُم فِي هَذِه الْآيَة لَأَوْشَكَ إِذا برد عَلَيْهِم المَاء أَن يتيمموا بالصعيد، فَذكر لَهُ حَدِيث عمار فِي التَّيَمُّم.
وَفِي رِوَايَة: أَن رجلا أَتَى عمر فَقَالَ: أجنبت فَلم أجد مَاء. فَقَالَ: لَا تصل. فَقَالَ عمار: أَلا تذكر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِذْ أَنا وَأَنت فِي سَرِيَّة فأجنبنا فَلم نجد مَاء، فَأَما أَنْت فَلم تصل، وَأما أَنا فتمعكت فِي التُّرَاب وَصليت، فَقَالَ رَسُول الله: " إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيك أَن تضرب بيديك الأَرْض ثمَّ تمسح بهما وَجهك وكفيك " فَقَالَ عمر: اتَّقِ الله يَا عمار. قَالَ: إِن شِئْت لَا أحدث بِهِ. فَقَالَ عمر: نوليك مَا توليت.
ظَاهر المناظرة بَين ابْن مَسْعُود وَأبي مُوسَى أَن ابْن مَسْعُود لم يلْتَفت إِلَى الْآيَة، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَلَكِن ابْن مَسْعُود رأى أَن الْآيَة لَا تَتَضَمَّن التَّيَمُّم إِنَّمَا تخْتَص بِالْحَدَثِ الْأَصْغَر، فَلذَلِك لم ير جَوَاز التَّيَمُّم للْجنب. وَقد اخْتلف النَّاس فِي هَذِه الْآيَة: فَمنهمْ من قَالَ: إِنَّمَا دلّت على التَّيَمُّم عَن الْحَدث الْأَصْغَر فَقَط، وهم الْقَائِلُونَ بِأَن اللَّمْس لمس الْيَد. قَالُوا: وَإِنَّمَا استفدنا جَوَاز التَّيَمُّم للْجنب من حَدِيث عمار، وَيدل عَلَيْهِ أَنه لما تمعك عمار فِي التُّرَاب وَأخْبر رَسُول الله بِفِعْلِهِ قَالَ: " إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيك أَن تَقول هَكَذَا " وَعلمه التَّيَمُّم وَلم يردهُ إِلَى بَيَان الْآيَة، وَلَو كَانَ فِيهَا بَيَان ذَلِك لقَالَ كَمَا قَالَ لعمر فِي شَأْن الْكَلَالَة: " يَكْفِيك آيَة الصَّيف ".
وَمِنْهُم من قَالَ: بل دلّت على التَّيَمُّم عَن الْجَنَابَة، وَاخْتلف هَؤُلَاءِ على أَي وَجه دلّت على ثَلَاثَة أَقْوَال: أَحدهَا: أَن المُرَاد باللمس فِيهَا
1 / 342