بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الملك الحق المبين، باعث الأنبياء والمرسلين، وناصب الأوصياء رحمة للعالمين، اظهارا للشرع القويم، وحفظا للحق المستبين، وكمالا للدين، والصلاة والسلام على أشرف الأولين والآخرين، محمد وآله الطاهرين.
اما بعد:
فلا يخفى على أهل الإيمان والاسلام حاجة الناس إلى امام معصوم (1).
في كل أوان، إذ لا بد من حافظ للشرع يؤمن منه الزيادة والنقصان، ولا طريق إلى ذلك الامام الا بالنص عليه من الملك العلام، بالوحي الإلهي على لسان رسوله (صلى الله عليه وآله) المؤيد بالملائكة الكرام، وانى للرعية في نصب امام حجة على الخاص والعام، بل هذا من المستحيل لا تهتدي إلى الافهام، بل الخيرة لله تعالى المؤمن السلام، المنزل للشرع من الحلال والحرام.
فلا بد من المبلغ للشرع، وهو النبي، وحافظ له وهو الامام، وهذا واضح عند ذوي الفهم والحفظ من الأنام، ومحكم الكتاب الناطق بالصواب:
Página 25
ان الله جل جلاله قد أكمل الدين وأتم النعمة بنصب الامام القوام، الذي ترجع إليه الخلق بعد النبي (صلى الله عليه وآله) في احكام الحلال والحرام، فهو في محل النبي (صلى الله عليه وآله) الا النبوة في جميع الحكام فهو خليفة الرسول (صلى الله عليه وآله) في كل الأقسام.
ثم لا ريب ولا مرية ولا شك في نصب علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد النبي (صلى الله عليه وآله) بنص النبي (صلى الله عليه وآله) قد نقله الخاص والعام، فمن تأمل كتب العامة وما ذكره أئمتهم في مصنفاتهم رأى ذلك في العيان بارزا من الأكمام، وقد صرحوا في صحاحهم المشهورة، وتأليفاتهم المأثورة ان النبي (صلى الله عليه وآله) نص على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بأنه الامام بعده والخليفة والوصي والوزير، وانه منه بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعده، فإذا كانوا هم معترفين بهذا النص وهو مسطور في كتبهم، روته رجالهم عن رجالهم، فالعجب كل العجب من الاعراض عن هذا النص المتفق على نقله الفريقان، والفئتان المتباينتان، فماذا بعد الحق الا الضلال، فالعامة من قبيل قوله تعالى: * (واما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) * (2).
وأعوذ بالله سبحانه من اتباع الهوى، بعد وجدان الهدى.
وكنت قد لحظت كتب العامة، فرأيت ما نقلته من النص على علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام) بذلك، وعملت في ذلك كتابا سميته ب (غاية المرام في النص على الامام من طريق الخاص والعام) كتاب حسن في معناه بالروايات الكثيرة، والآثار المنيرة.
ثم بعد ذلك خطر بالبال، وسنح في الخيال، ان أفرد كتابا يحتوي على
Página 26
بعض روايات غدير خم، وذكر من رواه من طريق العامة والخاصة، نموذج شريف، وحظ وافر منيف، إذ كان نقلته لا تحصى ولا تحصر من طريق الخاصة والعامة، فاقتصرت على هذا القدر، وفي ذلك كفاية لمن نظر، وسميته ب (كشف المهم في طريق خبر غدير خم).
وخبر غدير خم قد اشتمل على: ان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) هو الامام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والخليفة، والوصي، والولي، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
Página 27
[...]
Página 28
الباب الأول فيما جاء من طريق الخاصة
Página 29
[...]
Página 30
الحديث الأول: أبو جعفر بن بابويه في أماليه، بحذف الاسناد، عن أبي هريرة قال: من صام يوم ثمانية عشر في ذي الحجة كتب الله له صيام ستين شهرا، وهو يوم غدير خم، لما اخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد علي بن أبي طالب، قال: الست أولي بالمؤمنين؟ قالوا: نعم يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فقال له عمر: بخ بخ يا علي (1)، أصبحت مولاي ومولى كل مسلم، فأنزل الله عز وجل: * (اليوم أكملت لكم دينكم) * (2). (3).
الثاني: الشيخ الطوسي في " أماليه " قال: أخبرنا أبو عمر قال: أخبرنا أحمد (يعني بن عقدة) (4)، قال: حدثنا الحسن بن جعفر بن مدرار، قال حدثني عمي طاهر ابن مدرار، قال حدثنا معاوية بن ميسرة بن شريح، قال: حدثني الحكم بن عيينة، وسلمة بن كهيل، قال: حدثنا حبيب وكان اسكافا
Página 31
في بني عدي، وأثنى عليه خيرا: انه سمع زيد بن أرقم، يقول: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم، فقال: من كنت مولاه فعلي (1) مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه (2).
محمد بن بابويه: قال الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): أغفل الناس قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوم مشربة أم إبراهيم [كما اغفلوا قوله فيه يوم غدير خم ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان في مشربة أم إبراهيم] (3) وعنده أصحابه، إذ جاءه علي (عليه السلام) فلم يفرجوا له، فلما رآهم لا يفرجون له، قال: يا معاشر (4) الناس هذا أهل بيتي تستخفون بهم وانا حي بين ظهرانيكم! اما والله لان غبت عنكم [فان الله لا يغيب عنكم]، ان الروح والراحة والبشارة لمن ائتم بعلي وتولاه وسلم له وللأوصياء من ولده حقا علي [ان] (5) ادخلهم في شفاعتي لانهم اتباعي، فمن تبعني فإنه مني، سنة جرت في من إبراهيم، لاني (6) من إبراهيم، وإبراهيم مني، وفضلي له فضل، وفضله فضلي، وانا أفضل منه، تصديق [ذلك] (7) قوله ربي: * (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) * (8).
و (لقد) (9) كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وثئت رجله في مشربة أم إبراهيم حتى عاداه الناس (10).
الثالث: جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: خطبنا علي بن أبي طالب (عليه السلام) فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس ان اقدام منبركم هذا أربعة
Página 32
رهط من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) منهم: انس بن مالك، والبراء بن عازب الأنصاري، والأشعث بن قيس الكندي، وخالد بن يزيد البجلي، ثم اقبل بوجهه على انس بن مالك، فقال: يا انس، ان كنت سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، ثم لم تشهد [لي] (1) اليوم بالولاية، فلا أماتك الله حتى يبتليك ببرص لا تغطيه العمامة.
واما أنت يا أشعث، فان كنت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله ) [وهو] (2) يقول: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، ثم لم تشهد لي اليوم بالولاية، فلا أماتك الله حتى يذهب بكريمتيك.
واما أنت يا خالد بن يزيد، ان كنت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، ثم لم تشهد لي اليوم بالولاية، فلا أماتك الله الا ميتة جاهلية.
واما أنت يا براء بن عازب، ان كنت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، ثم لم تشهد لي اليوم بالولاية، فلا أماتك الله الا حيث هاجرت منه.
قال جابر بن عبد الله الأنصاري: والله لقد رأيت انس بن مالك وقد ابتلي ببرص يغطيه بالعمامة فما يستره. ولقد رأيت الأشعث بن قيس وقد ذهبت كريمتاه وهو يقول: الحمد لله الذي جعل دعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) علي بالعمى في الدنيا، ولم يدع علي بالعداب في الآخرة فأعذب.
واما خالد بن يزيد فإنه مات فأراد أهله ان يدفنوه وحفر له في منزله
Página 33
فدفن، فسمعت بذلك كندة، فجاءت بالخيل والإبل فعقرتها على باب منزله، فمات ميتة جاهلية.
واما البراء بن عازب فإنه ولاه معاوية اليمن فمات بها، ومنها كان هاجر (1).
الرابع: أبو إسحاق قال: قلت لعلي بن الحسين (عليه السلام): ما معنى قول النبي (صلى الله عليه وآله): من كنت مولاه فعلي مولاه؟ قال:
اخبرهم انه الامام بعده (2).
الخامس: هاشم بن البريد، عن أبيه، قال: سئل زيد بن علي (عليه السلام) عن قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كنت مولاه فعلي مولاه، قال: نصبه علما ليعلم به حزب الله عند الفرقة (3).
السادس: عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم: أفضل أعياد أمتي، وهو اليوم الذي امرني الله (تعالى ذكره) فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب (عليه السلام) علما لأمتي بعدي يهتدي (4).
به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأتم على أمتي فيه النعمة، ورضي لهم الاسلام دينا.
ثم قال [صلى الله عليه وآله]: معاشر الناس: ان عليا مني، وانا من علي،
Página 34
خلق من طينتي، وهو امام الخلق بعدي يبين لهم ما اختلفوا [فيه] (1) من سنتي وهو أمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين، ويعسوب المؤمنين، وخير الوصيين، وزوج سيدة نساء العالمين، وأبو الأئمة المهديين، معاشر الناس: من أحب عليا أحببته، ومن أبغض عليا أبغضته، ومن وصل عليا وصلته، ومن قطع عليا قطعته، ومن جفا عليا جفوته، ومن والى عليا واليته، ومن عادى عليا عاديته.
معاشر الناس: ان مدينة الحكمة وعلي بن أبي طالب بابها، ولن تؤتى المدينة الا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض عليا.
معاشر الناس: والذي بعثني (بالحق) (2) بالنبوة، واصطفاني على جميع البرية، ما نصب (3) عليا لأمتي الا رب العالمين (4).
السابع: المسعودي رفعه، عن سلمان الفارسي (رحمه الله)، قال: مر إبليس (لعنه الله) بنفر يتناولون أمير المؤمنين (عليه السلام) فوقف امامهم، فقال القوم: من الذي وقف امامنا؟ فقال: انا أبو مرة، فقالوا: يا أبا مرة اما تسمع كلامنا؟ فقال: سوءة لكم تسبون مولاكم علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقالوا له: من أين علمت أنه مولانا؟ فقال: من قول نبيكم [صلى الله عليه وآله]: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله.
Página 35
فقالوا له: فأنت من مواليه وشيعته؟ فقال: ما انا من مواليه ولا من شيعته، ولكني أحبه، وما يبغضه أحد الا شاركته في المال والولد.
فقالوا: يا أبا مرة فتقول في علي شيئا؟ فقال لهم: اسمعوا مني معاشر الناكثين والقاسطين والمارقين، عبدت الله عز وجل في الجان اثنتي عشرة الف سنة، فلما أهلك الله الجان شكوت إلى الله عز وجل الوحدة، فاعرج بي إلى السماء الدنيا ، فعبدت الله في السماء الدنيا اثنتي عشرة الف سنة أخرى في جملة الملائكة، فبينا نحن كذلك نسبح الله تعالى ونقدسه إذ مر بنا نور شعشعاني، فخرت الملائكة لذلك النور سجدا، فقالوا: سبوح قدوس نور ملك مقرب أو نبي مرسل، فإذا النداء من قبل الله جل جلاله: لا نور ملك مقرب، ولا نبي مرسل، هذا نور طينة علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) (1).
الثامن: عبد الله بن عباس قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما اسرى به إلى السماء انتهى به جبرئيل إلى نهر، يقال له: النور، وهو قول الله عز وجل: * (وجعل الظلمات والنور) * (2).
فلما انتهى به إلى ذلك النهر فقال (3): قال جبرئيل: يا محمد أعبر على بركة الله تعالى فقد نور الله لك بصرك، ومد لك أمامك، فان هذا نهر (4) لم يعبره أحد، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، غير أن لي في كل يوم اغتماسة فيه، ثم اخرج منه فانفض أجنحتي، فليس من قطرة تقطر من أجنحتي الا خلق الله تبار ك وتعالى منها ملكا مقربا، له عشرون الف وجه وأربعون الف
Página 36
لسان [كل لسان] (1) يلفظ بلغة لا يفقهها اللسان الآخر.
فعبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى انتهى إلى الحجب، والحجب خمسمائة حجاب، من الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمسمائة عام، ثم قال: تقدم يا محمد، فقال له: يا جبرئيل ولم لا تكون معي؟ قال: ليس لي ان أجوز هذا المكان، فتقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما شاء ان يتقدم، حتى سمع [ما] (2) قال الرب تبارك وتعالى: " انا المحمود وأنت محمد شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته، ومن قطعك بتكته، انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك، واني لم ابعث نبيا الا وجعلت له وزيرا، وانك رسولي وان عليا وزيرك ".
فهبط رسول الله (صلى الله عليه وآله) فكره ان يحدث الناس بشئ كراهية ان يتهموه، لانهم كانوا حديثي عهد بالجاهلية، حتى مضى لذلك ستة أيام، فأنزل الله تبارك وتعالى * (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك) * (3)، فاحتمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك حتى كان يوم الثامن، فأنزل الله تبارك وتعالى عليه: * (يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) * (4).
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تهديد بعد وعيد، لأمضين أمر الله عز وجل، فان يتهموني ويكذبوني فهو أهون علي من أن يعاقبني العقوبة الموجعة في الدنيا والآخرة.
قال: وسلم جبرئيل على علي (عليه السلام) بإمرة المؤمنين، فقال علي
Página 37
(عليه السلام): يا رسول الله، اسمع الكلام ولا أحس الرؤية، فقال: يا علي هذا جبرئيل اتاني من قبل ربي بتصديق ما وعدني.
ثم أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) رجلا فرجلا من أصحابه حتى سلموا عليه (بإمرة المؤمنين) (1) ثم قال: يا بلال ناد في الناس ان لا يبقى غدا أحد - الا عليل، الا خرج إلى غدير خم.
فلما كان من الغد خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) بجماعة أصحابه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس ان الله تبارك وتعالى أرسلني إليكم برسالة، واني ضقت بها ذرعا مخافة ان تتهموني وتكذبوني حتى انزل الله علي وعيدا بعد وعيد، فكان تكذيبكم إياي أيسر علي من عقوبة الله إياي، ان الله تبارك وتعالى اسرى بي واسمعني، وقال: يا محمد انا المحمود وأنت محمد، شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته، ومن قطعك بتكته، انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك، واني لم ابعث نبيا الا جعلت له وزيرا، وانك رسولي، وان عليا وزيرك.
ثم اخذ (صلى الله عليه وآله) بيدي علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما، ولم ير قبل ذلك، ثم قال: أيها الناس ان الله تبارك وتعالى مولاي، وانا مولى المؤمنين، فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله.
فقال الشكاك والمنافقون والذين في قلوبهم مرض وزيغ: نبرأ إلى الله من مقالته ليس بحتم، ولا نرضى ان يكون علي وزيره، هذه منه عصبية.
فقال سلمان والمقداد وأبو ذر وعمار بن ياسر: والله ما برحنا العرصة
Página 38
حتى نزلت هذه الآية: * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) * (1)، فكرر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك ثلاثا، ثم قال: إن كمال الدين، وتمام النعمة ورضى الرب، بارسالي إليكم بالولاية بعدي لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) (2).
التاسع الشيخ الطوسي في " أماليه " باسناده عن انس بن مالك: انه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول يوم غدير خم: انا أولي بالمؤمنين من أنفسهم، واخذ بيد علي (عليه السلام)، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. (3).
العاشر: أبو سعيد قال: لما كان يوم غدير خم، أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) مناديا (ينادي) (4)، فنادى الصلاة جامعة، فاخذ بيد علي (عليه السلام)، وقال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه.
فقال حسان بن ثابت: يا رسول الله، أقول في علي شعرا؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): افعل، فقال:
يناديهم يوم الغدير نبيهم * بخم وأكرم بالنبي مناديا يقول: فمن مولاكم ووليكم؟ * فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديا الهك مولانا وأنت ولينا * ولن تجدن منا لك اليوم عاصيا فقال له: قم يا علي فإنني * رضيتك من بعدي إماما وهاديا
Página 39
فقام (1) علي أرمد العين يبتغي * لعينيه مما يشتكيه مداويا فداواه خير الناس منه بريقه * فبورك مرقيا وبورك راقيا (2) نكتة وبيان فصل:
مما ذكر ممن روى خبر غدير خم، وذكر الكتب المصنفة فيه.
وذكر السيد العلامة (3) الفهامة ذو المكارم أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس - الشهير بابن طاووس (قدس الله سبحانه روحه) - في كتابه المسمى ب " طرائف المخالف " (4) من طريق المخالفين في بيان الفرقة الناجية من أمة محمد (صلى الله عليه وآله)، وانها فرقة أهل البيت (عليهم السلام) واتباعهم وشيعتهم، قال فيه: ومن ذلك ما أكده (5) النبي (صلى الله عليه وآله) [لعلي بن أبي طالب (ع) بمنى] (6) يوم غدير خم بالتصريح بالنص عليه، والارشاد إليه في مقام يشهد له لسان الحال، وبيان المقال: بأنه الخليفة (من بعده) والقائم مقامه في أمته.
وقد صنف العلماء بالاخبار كتبا كثيرة في حديث يوم الغدير (7)، وتصديق ما قلناه.
وممن صنف تفصيل ما حققناه أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني الحافظ، المعروف بابن عقدة، وهو ثقة عند أرباب المذاهب،
Página 40
وجعل ذلك كتابا مجردا (1) سماه: " حديث الولاية "، وذكر الاخبار عن النبي (صلى الله عليه وآله) بذلك، وأسماء الرواة من الصحابة.
وهذه أسماء من روى عنهم حديث يوم الغدير، ونص النبي (صلى الله عليه وآله) على علي (عليه السلام) بالخلافة، واظهار ذلك عند الكافة، ومنهم من هنأه بذلك: أبو بكر عبد الله بن عثمان، عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، علي بن أبي طالب (عليه السلام)، طلحة بن عبد (2) الله، الزبير بن العوام، عبد الرحمن بن عوف، سعيد بن مالك، العباس بن عبد المطلب، الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، عبد الله بن العباس، عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، عبد الله بن مسعود، عمار بن ياسر، أبو ذر جندب بن جنادة الغفاري، سلمان الفارسي، أسعد بن زرارة الأنصاري، خزيمة بن ثابت الأنصاري، أبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري، سهل بن حنيف الأنصاري، حذيفة بن اليمان، عبد الله بن عمر بن الخطاب، البراء بن عازب الأنصاري، رفاعة بن رافع الأنصاري، سمرة بن جندب، سلمة بن الأكوع الأسلمي، زيد بن ثابت الأنصاري، أبو ليلى الأنصاري، أبو قدامة الأنصاري سهل بن سعد الأنصاري، عدي بن حاتم الطائي، ثابت بن زيد بن وديعة، كعب بن عجرة الأنصاري، أبو الهيثم بن التيهان الأنصاري، هاشم بن عتبة بن أبي وقاص الزهري، المقداد بن عمرو الكندي، عمر بن أبي سلمة، عبد الله بن أبي أسد المخزومي، عمران بن حصين الخزاعي، بريد بن الحصيب الأسلمي ، جبلة بن عمرو الأنصاري، أبو هريرة الدوسي، أبو برزة نضلة بن عتبة الأسلمي، أبو سعيد الخدري، جابر بن عبد الله الأنصاري، جرير بن عبد
Página 41
الله (1)، زيد بن أرقم الأنصاري، أبو رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أبو عمرة بن عمرو بن محصن الأنصاري، انس بن مالك الأنصاري، ناجية بن عمرو الخزاعي، أبو زبيب بن عوف الأنصاري، يعلى بن مرة الثقفي، سعيد بن سعد بن عبادة الأنصاري، حذيفة بن أسيد، أبو شريحة الغفاري، عمر بن حمق الخزاعي، زيد بن حارثة الأنصاري، ثابت بن وديعة الأنصاري، مالك بن الحويرث أبو سلمان (2)، جابر بن سمرة السوائي (3) عبد الله بن ثابت الأنصاري، حبش بن جنادة السلولي، ضميرة الأسدي، عبيد بن عازب الأنصاري، عبد الله بن أبي اوفى، يزيد بن شراحيل الأنصاري، عبد الله بن بشر المازني، النعمان بن عجلان الأنصاري، عبد الرحمن بن يعمر (4) الديلمي، أبو حمراء (5) خادم (6) رسول الله (صلى الله على وآله)، أبو فضالة الأنصاري، عطية بن بشر المازني، عامر بن (أبي) (7) ليلى الغفاري، أبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني، عبد الرحمن بن عبد ربه الأنصاري، حسان ابن ثابت الأنصاري، سعد بن جنادة العوفي، عامر بن عمير النميري، عبد الله بن ياميل (8)، حبه بن جوين العرني، عقبة بن عامر الجهني، أبو ذويب الشاعر، أبو شريح الخزاعي، أبو جحيفة وهب بن عبد الله السواني (9)، أبو امامة الصدي، عجلان الباهلي، عامر بن ضمرة (10) بن جندب بن سفيان العلقمي (11) البجلي، أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي، وحشي بن حرب، قيس بن ثابت بن شماس الأنصاري، عبد الرحمن بن مدلج (12)، حبيب بن بديل بن ورقا الخزاعي، فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، عائشة بنت أبي * (هامش) (1) في المصدر بزيادة: زيد بن عبد الله.
(2) في المصدر: أبو سليمان، وكذلك الغدير.
(3) في النسخة العوامي.
(4) في النسخة: معمر.
(5) في المصدر: حمزة.
(6) في النسخة: خادم مولى.
(7) ليس في المصدر.
(8) في النسخة: ناميل.
(9) في الطرائف: النسوي.
(10) في الطرائف: ليلى.
(11) في الطرائف: الغفلي.
(12) في الطرائف: مديح.
Página 42
بكر، أم سلمة أم المؤمنين، أم هاني بنت أبي طالب، فاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب، أسماء بنت عميس الخثعمية.
ثم ذكر ابن عقدة ثمانية وعشرين رجلا من الصحابة لم نذكر أسمائهم (1) أيضا (2) قال السيد بن طاووس: وهذا أبلغ ما انتهى إليه نبي من الأنبياء فيما بلغني مع (3) أمته في الكشف عن خلافته ووصيته.
وسيأتي. طرق من اخبار يوم الغدير (المذكور، وان) (4) كان هذا المقام من نبيهم [محمد] (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع، وهي آخر ما كان له من المواقف، والاسفار التي تضمنت الاخبار: ان نبيهم (صلى الله عليه وآله) أظهر فيه ما امره الله تعالى باظهاره، ونعى إلى المسلمين نفسه [الشريفة]، (5)، وعرفهم انه قد قرب انتقاله إلى ربه، فكان ذلك يوم الثامن عشر [من] (6) ذي الحجة، وقدم المدينة فأقام في ذي الحجة محرما، وتوفي في صفر، وقيل: في ربيع الأول.
وقد روى الحديث في ذلك محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ من خمس وسبعين طريقا، وأفرد له كتابا سماه " كتاب الولاية " 7).
ورواه أيضا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد المعروف: " بابن عقدة " لخبر (8) من مائة وخمسة طرق، وأفرد له كتابا سماه:
" حديث الولاية "، وقد تقدم تسمية من روى عنهم.
وذكر محمد بن الحسن الطوسي في كتاب " الاقتصاد " وغيره: ان قد رواه لخبر (9). يوم الغدير غير المذكورين من مائة [و] خمس وعشرين طريقا.
Página 43
ورواه أيضا أحمد بن حنبل في مسنده من أكثر من خمسة عشر طريقا.
ورواه الفقيه ابن المغازلي الشافعي في كتابه: " المناقب " من اثنى عشر طريقا، وقال ابن المغازلي الشافعي بعد رواياته لخبر يوم الغدير: هذا حديث صحيح عن النبي (صلى الله عليه وآله).
وقد روى حديث غدير خم نحو مائة نفس، منهم العشرة، وهو حديث ثابت لا اعرف له علة، وتفرد علي (عليه السلام) بهذه الفضيلة لم يشركه (1) فيها أحد، هذا لفظ ابن المغازلي.
إلى هنا كلام ابن طاووس في كتاب " الطرائف " (2).
قلت: وقال الغزالي حجة الاسلام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي في كتاب " سر العالمين " - وهو من أعيان المخالفين -: قال بعض المفسرين في قوله تعالى * (وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا) * (3).
قال في الحديث: ان أباك هو الخليفة من بعدي يا حميراء، ثم قال الغزالي بعد كلام يسير: لكن أسفرت الحجة وجهها، واجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته في يوم غدير خم باتفاق الجميع، وهو يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه.
فقال عمر: بخ بخ يا أبا الحسن، لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، فهذا تسليم ورضا وتحكيم.
ثم بعد هذا غلب على القوم الهوى وحب الرئاسة، وحمل عمود الخلافة، وعقود البنود، وخفقان الهواء في قعقعة الرايات، واشتباك ازدحام الخيول، وفتح الأمصار، سقاهم كأس الهوى، فعادوا إلى الخلاف الأول
Página 44