النبي ﷺ في التوسل في حال الحاجة والضرورة إلى عمه العباس (١وهو يجوز في حقه ﷺ هذا محال١) (١) .
هذا والسابقون الأولون متوافرون، لم ينكر ذلك على عمر أحد منهم (٢)، ولو كان التوسل بالنبي ﷺ بعد وفاته عندهم جائزًا لما جاز على عمر والسابقين الأولين أن يعدلوا عنه إلى العباس.
والميت قد غاب عن الدنيا وأهلها، وأفضى إلى الذي بيده ملكوت السموات والأرض، وفي سؤال الميت تنزيل له منزلة علام الغيوب الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وفيه تشبيه المخلوق بالخالق في خصائص
الآلهية، وهي تجريد القصد، والإرادة، والطلب، والنية لله وحده، كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾ (٣) وهي "لا إله إلا الله".
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ (٤) "والحنيف" هو المقبل على الله المعرض عن كل ما سواه.
والمقصود أن من أقبل على غير الله بقلبه ووجهه/ ولسانه وسائر (٥) جوارحه رغبة ورهبة إليه، فقد أعرض لذلك القصد والإرادة، وقد قال تعالى:
(١) ما بين القوسين سقط من: (المطبوعة) .
(٢) في "م" و"ش": "أحد منهم على عمر..".
(٣) سورة لقمان، الآية: ٢٢.
(٤) سورة النساء، الآية: ١٢٥، وفي هامش "م": "قف تأمل معنى الحنيف".
(٥) سقطت من "ش": وسائر".