Descubrimiento del Desconsuelo
كشف الغمة
ذوي الإفراط والتفريط، قد اعتلق بطرف ذميم والهداية إلى الطريقة الوسطى حسنة ولا يلقيها إلا ذو حظ عظيم، وها أنا ذاكر في ذلك ما أظنه أحسن نتائج الفطن، وأعده من محاسن الأفكار الجارية، لاستخراج جواهر الخواطر في سنن السنن والأقدار، وإن كانت فاطمة كثيرة من الفطن عن إدراك الحكم في السر والعلن، فإنها والدة لقرائح أهل التوفيق والتأييد، ومن نتاجها كل حسين وحسن وتلخيص ذلك من وجوه.
الوجه الأول: ذكر فيه شيئا مما يتعلق بالحروف والعدد، فقال: إن الإيمان والإسلام مبني على كلمتي لا إله إلا الله محمد رسول الله وكل واحد من هذين الأصلين اثنا عشر حرفا، والإمامة فرع الإيمان فيجب أن يكون القائم بها اثنا عشر إماما.
الوجه الثاني: إن الله أنزل في كتابه العزيز: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا [1] فجعل عدة القائمين بذلك الأمر اثنى عشر، فتكون عدة أئمة القائمين بهذا كذلك، ولما بايع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الأنصار ليلة العقبة قال: أخرجوا لي منكم اثنى عشر نقيبا كنقباء بني إسرائيل فصار ذلك طريقا متبعا وعددا مطلوبا.
الوجه الثالث: قال الله تعالى: ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون. وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا [2] فجعل الأسباط الهداة إلى الحق بهذه العدة فتكون الأئمة كذلك.
الوجع الرابع: إن مصالح العالم في تصرفاتهم لما كانت في حصولها مفتقرة إلى الزمان، وكان عبارة عن الليل والنهار، وكل واحد منهما حال الاعتدال مركب من اثنى عشر ساعة، وكانت مصالح العالم مفتقرة إلى الأئمة (عليهم السلام) وإرشادها فجعلت عدتهم كذلك.
الوجه الخامس: قال: وهو وجه صباحته واضحة وأنواره لايحة، وتقريره أن نور الإمامة يهدي القلوب والعقول إلى سلوك طريق الحق كما يهدي نور الشمس والقمر أبصار الخلائق إلى سلوك الطرق، ولما كان محل هذين النورين الهاديين للأنصار البروج الاثنا عشر، فمحل النور الثاني الهادي للبصائر وهو نور الإمامة الأئمة الاثنى عشر.
Página 75