ُ
لاَ تَلُمْنِى إنْ بَدَا مِنّى افْتِضَاحٌ ... فَمَا عَلَى مَنْ بَاحَ فى الحبِّ جُنَاحٌ
فَبِحَقِّ اللَّهِ يَانَسِيمَ الصَّباَ ... بَلِّغْ سَلاَمِى أَهْلَ تِلْكَ البِطَاحِ
وَقُلْ لَهُمْ عَنَّى مصْنَاكُم ... يُقْلِقُهُ البَرْقُ وَمَرُّ الرِّيَاحِ
مَا نَفَحت مِنْ نَحْوِكُمْ نِسْمَةٌ ... إلاَّ وسحَّ الدَّمْعُ شَجْوًا وَسَاح
لَوْلاَكُمُ يَا أَهْلَ ذَاكَ الحِمَى ... مَا رَاحَ قَلْبِى مُوثَقًا بالجِرَاحِ
أَسَرْتُمُ القَلْبَ فَيَكْفِيكُمُ ... لاَ تَقْتُلُونِى قَدْ رَميْتُ السِّلاحَ
وأما الأزرق منه، فانطوى فى جواه، وصبر على أذاه، وكتم بالنهار شذاه، وقال: أنا لا أبوح بسرى لعاشق، ولا أفوح بنشرى لناشق، فإذا جن ليلى أبديت ما بى لأحبابى، وشكوت مصابى لأهل أوصابى، فإذا دارت الكؤوس، شربت كاسي، وإذا طابت النفوس صعدت أنفاسى لجلاسى، فإنا لجلاسي كالخل المواسي، ومتى دعيت إلى أناسى سعيت على راسى، وإلى الله أشكو م أقاسى من القلب القاسى، وما كتمت بالنهار عطرى، واخترت في الليل هتك سترى وإلا لأن في الليل خلوة العشاق، وراحة كل مشتاق، وغيبوبة الرقيب، وحضرة الحبيب، وذ قال: هل من سائل جعلت أنفاسي إليه رسائل، وذلى لديه وسائل، وفى ذلك أقول:
أُصَعِّد أَنْفاسَ شَوقِى إِليْهِ ... وَأُوقِفُ طِيبَ ثَنائِى عَلَيْهِ
وَمَابِى إِلَى وَصْلِهِ شَافِع ... سِوَى حُسن ظَنّى وذُلِّى لَدَيْهِ
وَقَلْبِى فَى سَخْطِهِ وَالرِّضَى ... سَوًآءٌ فَلاَ حَال عن حَالتَيْهِ
1 / 64