فلما وصل التجار من عدن لاعة، ومن عيان، فسألهم عن الموضع فأخبروه عنه وأنه في ناحية بلادهم، وهي قرية صغيرة، فمن أعلمك من الناس بها؟ قال: الناس يسمعون بذكر البلدان، فلما عزموا على الرحيل تأهب للخروج معهم، وقال: أنا رجل من أهل العلم، وقد رغبت بالخروج معكم إلى بلدكم، ففرحوا به وأكرموه، وقالوا: مرحبا بك نحن أحوج إلى من يبصرنا في أمر ديننا، ونحن نكفيك المئونة ونحملك، فأثنى عليهم وشكرهم وقال: لا حاجة لي فيما عندكم، وإنما أردت وجه الله تعالى، فارتحل معهم فكان يسامرهم ويروي لهم أحسن الأخبار، فأحبوه وأصغوا إليه وإلى قوله. فكانوا يحدقون به إكراما له وتبجيلا حتى قدموا لاعة، فادعى الفقه في مذهب السنة والجماعة، فتسامع به الناس وأقبلوا إليه من كل ناحية وهو مستعمل الورع وحسن السيرة، حتى مالت إليه مخاليف المغرب لاعة وادران وحجة وعيان وبلدان البياض، فأمرهم بجمع الزكاة عن أموالهم فاستعمل عليهم منهم ثقات وعدولا يقبضون أعشار أموالهم على ما يوجبه الفقه. فأقام سنتين بعد قتل محمد بن يعفر، واختلاف بني حوال فيما بينهم، فقال لهم: قد رأيت أن تبنوا موضعا منيعا يكون لبيت مال
1 / 46