Odio, amistad, noviazgo, amor, matrimonio
كراهية وصداقة وغزل وحب وزواج
Géneros
مع النبرة التي قالت بها هذه العبارة، قد يكون معناها إما «علي أن أعترف بأنك صرت شخصا ناضجا الآن.» وإما «قريبا جدا سوف تسيرين على الخط المستقيم.»
نهضنا وبدأنا نجمع الأطباق. عملنا ونحن قريبتان إحدانا من الأخرى في المساحة الصغيرة ما بين منضدة المطبخ والنضد المجاور للحوض والثلاجة، ودون أن نتحدث سرعان ما انسجمنا في نظام وتناغم محددين من الغسل والرص وإفراغ بقايا الأطعمة في أوعية أصغر حجما للحفظ، وملء الحوض بالماء الساخن المصبن، ثم الانقضاض على أي قطعة من أدوات المائدة التي لم تمس ودسها في مكانها المحدد من الدرج المفروش بالقماش الأخضر المضلع في بوفيه غرفة الطعام. أحضرنا منفضة السجائر معنا في المطبخ، وبين الحين والآخر كنا نأخذ استراحة ونأخذ أنفاسا من السجائر ونحن متمهلتين في جدية. هناك أشياء إما تتفق عليها النساء وإما لا تتفق عليها في أثناء عملهن معا على هذا النحو - إن كان مسموحا لهن بالتدخين مثلا ، أو من الأفضل ألا يدخن لأن بعض الرماد المتطاير قد يجد سبيله ليحط على طبق نظيف، أو إن كان يجب غسل وتنظيف كل شيء مما كان موضوعا على المائدة حتى لو لم يتم استخدامه - واتضح أنني وألفريدا على وفاق حول مثل تلك الأمور. كما أن فكرة أنه سيكون بوسعي الفرار بمجرد الانتهاء من غسيل الأطباق، جعلتني أشعر بمزيد من الطمأنينة والسخاء. كنت قد قلت لها من قبل إن علي لقاء صديقة في ذلك الأصيل.
قلت: «ما أجمل تلك الأطباق!» كانت ذات لون كريمي، بدرجة صفراء خفيفة، تكتنف حوافها زهور زرقاء.
قالت ألفريدا: «الحقيقة أنها أطباق أمي، كانت في جهاز زفافها. كان ذلك معروفا آخر مما قدمته لي جدتك. لقد حزمت كل أطباق أمي وخزنتها في مأمن حتى يحين الوقت الذي يمكن لي استخدامها. جيني لم تعرف قط بوجود تلك الأطباق. ما كان لهذه الأطباق أن تظل كل ذلك العمر مع وجود تلك العصابة كبيرة العدد.»
جيني، العصابة؛ تقصد بهم زوجة أبيها وإخوتها وأخواتها لأبيها.
قالت ألفريدا: «تعرفين تلك الحكاية، أليس كذلك؟ تعرفين ماذا حدث لأمي؟»
بالطبع كنت أعرف؛ توفيت أمها عند انفجار مصباح في يديها - أي إنها ماتت بحروق أصابتها حين انفجر مصباح بين يديها - وكانت عمتاي وأمي يتحدثن عن هذا الأمر بمنتهى الاعتياد والبساطة. لا شيء يمكن قوله بشأن أم ألفريدا أو أبيها، والقليل للغاية يمكن قوله عن ألفريدا نفسها دون إقحام ذكر هذا الموت في الحديث وحشره فيه. كان هذا السبب وراء مغادرة والد ألفريدا للمزرعة (وهو ما اعتبر على الدوام خطوة للأسفل أخلاقيا، إن لم يكن ماليا). وكان هذا هو السبب أيضا وراء التعامل في حرص مستميت مع الكيروسين، وسببا لأن نكون ممتنين لاختراع الكهرباء، مهما كانت كلفتها باهظة. وكان أمرا مريعا بالنسبة إلى طفلة في عمر ألفريدا، مهما يكن (أي مهما يكن ما فعلته هي في نفسها منذ ذلك الوقت). «لو لم تهب تلك العاصفة الرعدية لما كانت قد حاولت إضاءة مصباح كيروسين في منتصف الظهيرة .» «ظلت حية طوال تلك الليلة واليوم التالي والليلة التالية، وكان من الخير لها إن لم تعش كل ذلك.» «وما هي إلا سنة واحدة بعد موتها حتى مرت على طريق بيتهم أسلاك الكهرباء الآتية من المولد المائي، ولم تعد بهم حاجة لمصابيح الكيروسين.»
نادرا ما كانت عمتاي وأمي تتشاركن الإحساس نفسه حيال أي شيء، غير أنهن تقاسمن إحساسا واحدا حيال هذه القصة، وكان ذلك الإحساس يطفو في أصواتهن كلما أتين على ذكر اسم والدة ألفريدا. بدت هذه القصة كما لو كانت كنزا فظيعا بالنسبة إليهن، شيئا يمكن لأسرتنا فقط أن تنسبه إليها حيث لا يمكن ذلك لأي شخص آخر، امتيازا خاصا لن يسقط بالتقادم أبدا. حين كنت أستمع إليهن دائما ما شعرت كما لو أن هناك شيئا من التآمر البذيء يجري بينهن، ولعا بتلمس كل ما كان مروعا وكارثيا. كنت أشعر بأصواتهن وكأنها ديدان تسعى وتدب في جوفي.
لم يكن الرجال هكذا، في حدود خبرتي. كان الرجال يشيحون بأبصارهم بعيدا عن الأحداث المخيفة بمجرد أن يستطيعوا ذلك، وبمجرد أن تنقضي يتصرفون على اعتبار أنه لا جدوى من ذكرها أو التفكير فيها بعد ذلك أبدا. لم يكونوا راغبين في نفخ الرماد عن الجمرات، لا بداخلهم ولا بداخل الآخرين.
وهكذا فكرت أنه إذا كانت ألفريدا ستتحدث عن هذا فمن الجيد إذن أن خطيبي لم يأت بصحبتي. من الجيد أنه لم يضطر إلى سماع حكاية أم ألفريدا، علاوة على اكتشاف أمور تخص أمي وإحدى أقارب أسرتي، أو ربما الفقر الذي لا يستهان به. كان معجبا بفن الأوبرا وبأداء لورانس أوليفييه لشخصية هاملت، غير أنه في الحياة العادية لم يكن يملك وقتا للمآسي، لحقارتها وقذارتها. كان والداه يتمتعان بالصحة والمظهر الجميل والرخاء (على الرغم من أنه قد قال بالطبع إنهما مملان)، وبدا كما لو كان غير مضطر لأن يعرف أي شخص لم تكن ظروف حياته مبهجة كشمس النهار. إخفاقات الحياة؛ إخفاقات الحظ، الصحة، الماليات، كل تلك الأمور تصدمه باعتبارها سقطات، أما تقبله النهائي لي أنا فلا يمتد ليشمل خلفيتي المتداعية.
Página desconocida