نرى اجساما لا تخلو من الحوادث المتعاقبة عليها ولا يتصور في العقل انها كانت خالية منها وهذا يوضح انها محدثة مثلها لشهادة العقل بان ما لم يوجد عاريا من المحدث فانه يجب ان يكون مثله محدثا وهذه الحوادث هي الاجتماع والافتراق والحركة والسكون والالوان والروائح والطعوم ونحو ذلك من صفات الاجسام التي تدل على انها اشياء غير الجسم من نراه من تعاقبها عليه وهو موجود مع كل احد منها وهذا يقين ايضا على حدوثها لأن الضدين المتعاقبين لا يجوز ان يكونا مجتمعين والجسم ولا يتصور اجتماعهما العقل وإنما وجد احدهما وعدم الاخر فالذي طرا ووجد هو المحدث لانه كائن بعد ان لم يكن والذي انعدم ايضا محدث لانه لو كان غير محدث لم يجز ان ينعدم ولانه مثله ايضا نراه قد تجدد وحدث والذي يشهد بان الاجسام لم تخل من هذه الحوادث بداية العقول واوائل العلوم إذ كان لا يتصور فيها وجود الجسم مع عدم هذه الامور ولو جاز ان يخلو الجسم منها فيما مضى لجاز ان يخلو منها الان وفيما يستقبل من الزمان والذي يدل على ان حكم الجسم كحكمها في الحدوث ان المحدث هو الذي لوجوده اول والقديم هو المتقدم على كل محدث وليس لوجوده اول فلو كان الجسم قديما لكان موجودا قبل الحوادث كلها خاليا منها وفيما قدمناه من استحالة خلوه منها دلالة على انه محدث مثلها والحمد لله (فصل في الاشعار المأثورة عن أبي طالب بن عبد المطلب رضوان الله عليهما التي يستدل بها على صحة ايمانه) من ذلك قوله في قصيدته اللامية * لعمري لقد كلفت وجدا باحمد * واحببته حب الحبيب المواصل * وجدت بنفسي دونه وحميته * ودارات عنه بالذرا والكلاكل * فلا زال في الدنيا جمالا لاهلها * وشيئا لمن عاداه زين المحافل * حليما رشيدا حازما غير طائش * يوالي اله الخلق ليس بما حل * فايده رب العباد بنصره * واظهر دينا حقه غير باطل * لقد علموا ان ابننا لا مكذب * لدينا ولا يعني بقيل الا باطل * (ومن قطعة له ميمية) * ترجون ان نسخي بقتل محمد * ولم نختضب سمر العوالي من الدم * كذبتم وبيت الله حتى تعرفوا * جماجم تلقى بالحطيم وزمزم * وتقطع ارحام وتنسى حليله * حليلا ويغشى محرما بعد محرم * وينهض قوم في الحديد اليكم * يذودون عن احسابهم كل محرم * على ما اتى من بغيكم وضلالكم * وغشيانكم في امرنا كل ماتم * بظلم نبي جاء يدعو الى الهدى *
--- [ 79 ]
Página 78