يحبوه التحف ويمنحه الطرف ويعد قريشا به ويخبرهم بما يكون من حاله الى ان دنت وفاته فوضعه في حجر أبي طالب واوصاه به وامره بحياطته ورعايته وعرفه ما يكون من امره ثم توفى عبد المطلب رضوان الله عليه في شهر ربيع الاول وللنبي صلى الله عليه واله ثماني سنين من عمره فكفله أبو طالب احسن كفالة ولم يكن له يومئذ ولد وكانت امراته فاطمة بنت اسد بن هاشم المعروفة بسودة الفاضلة فتولت معه تربيته واحسنا جميعا حياطته ورعايته واتخذاه لانفسهما ولدا ولم يؤثرا في المحبة عليه احدا وقد شغفا بواضح دلالته وذهلا من ظاهر حجته والكهان مع ذلك يخبرونه بشانه ويتعجبون من جلي برهانه ويبشرون أبا طالب بامره وبانه سيكفل ولدا له من ظهره ثم نشا صلى الله عليه واله نشوءا يحير أهل عصره يحضر مشاهد قريش كلها غير السجود للاصنام والعبادة لها وشرب الخمر ونظم الشعر وافتعال الكذب والاشتغال باللعب الى ان اظهر الله امره واعلى قدره وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا (فصل في ذكر شئ من معجزات رسول الله صلى الله عليه واله وباهر آياته) فمن ذلك انه دعا شجرة فجاءت تخد الأرض ثم اشار إليها فرجعت ومن ذلك انه مسح شطري ضرع العناق وهما ملتصقان لا لبن فيهما فدر وحلب منه لبن كثير هذا في هجرته الى المدينة وذلك مشتهر قد اتت به الاخبار وقيل فيه الاشعار ومن ذلك رمي الحصى في وجوه الاعداء يوم بدر فنالهم في عيونهم ما نالهم وكانت في الحال هزيمتهم وانزل الله سبحانه * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) * الانفال وفعل مثل ذلك يوم حنين وقال شاهت الوجوه فانهزم المشركون باسرهم ومن ذلك اخباره عن العير التي جاءت من الشام وحال القوم وافعالهم وما معهم من متاعهم وكثير من كلامهم ومن ذلك كلام الذئب والجر ايضا معروف ومن ذلك الميضاة التي وضع فيها يده وفيها شئ يسير من الماء فشرب منه خلق كثير وتوضاوا منه ومن ذلك ان ناقة ضلت من صاحبها في بعض اسفاره فقال المنافقون لو كان نبيا لعلم اين الناقة فبلغه ذلك فقال الغيب لا يعلمه إلا الله انطلق يا فلان لصاحب الناقة فان ناقتك بمكان كذا قد تعلق زمامها بالشجرة فوجدها كما قال صلى الله عليه واله ومن ذلك انه اقام بتبوك فنفدت ازوادهم فامرهم عليه السلام فجمعوا ما بقي منها ثم أمر بانطاع فبسطت وقال من كان عنده فضل زاد فليأتنا به فكان الرجل ياتي بالمد الدقيق والسويق والقليل من الخبز فيوضع كل صنف على حدة فكان جميع ذلك قليلا ثم
--- [ 74 ]
Página 73