كنز الدقائق
(في الفقه الحنفي)
للإمام أبي البركات عبد الله بن أحمد النَّسَفِيّ
المولود سنة ٦٢٠هـ تقريبا، والمتوفى سنة ٧١٠هـ
رحمه الله تعالى
كتب الدراسة وحققه وعلق عليه
أ. د. سائد بكداش
دار البشائر الإسلامية، دار السراج
الطبعة الأولى
١٤٣٢هـ - ٢٠١١م
1 / 1
بسم الله الرّحمن الرّحيم
[مقدمة المؤلف]
الحمد لله الّذي أعزّ العلم في الأعصار وأعلى حزبه في الأمصار، والصّلاة على رسوله المختصّ بهذا الفضل العظيم وعلى آله الّذين فازوا منه بحظٍّ جسيمٍ.
قال مولانا الحبر النّحرير صاحب البيان والبنان في التّقرير والتّحرير كاشف المشكلات والمعضلات مبيّن الكنايات والإشارات منبع العلا علم الهدى، علامة الورى، مالك أزمة الفتيا، مظهر كلمة الله العليا، كشاف الحقائق، مبين الدقائق، سلطان علماء الشرق والصين، حافظ الحقّ والملّة والدّين شمس الإسلام والمسلمين وارث علوم الأنبياء والمرسلين أبو البركات عبد الله بن أحمد بن محمود النّسفيّ، أفاض الله عليه أنوار رحمته، وتغمده بمغفرته، وأسكنه في جناته:
لمّا رأيت الهمم مائلةً إلى المختصرات والطّباع راغبةً عن المطوّلات أردت أن ألخّص (الوافي) بذكر ما عمّ وقوعه، وكثر
1 / 137
وجوده لتكثر فائدته وتتوفّر عائدته.
فشرعت فيه بعد التماس طائفةٍ من أعيان الأفاضل وأفاضل الأعيان الّذين هم بمنزلة الإنسان للعين والعين للإنسان مع ما بي من العوائق، وسمّيته بـ (كنز الدّقائق)، وهو، وإن خلا عن العويصات والمعضلات فقد تحلّى بمسائل الفتاوى والواقعات مُعْلَمًا بتلك العلامات وزيادة الطّاء للإطلاقات، والله الموفّق للإتمام والميسّر للاختتام، والله أعلم بالصواب.
1 / 138
كتاب الطّهارة
فرض الوضوء غسل وجهه وهو من قصاص الشّعر إلى أسفل الذّقن وإلى شحمتي الأذن
ويديه بمرفقيه ورجليه بكعبيه ومسح ربع رأسه ولحيته
وسننه غسل يديه إلى رسغيه ابتداءً
والتّسمية والسّواك وغسل فمه وأنفه وتخليل لحيته وأصابعه
وتثليث الغسل ونيّته ومسح كلّ رأسه مرّةً وأذنيه بمائه والتّرتيب المنصوص والولاء.
ومستحبّه التّيامن ومسح رقبته.
1 / 139
وينقضه خروج نجسٍ منه، وقيءٌ ملأ فاه ولو مِرّةً أو علقًا أو طعامًا أو ماءً.
لا بلغمًا، أو دمًا غلب عليه البزاق.
والسّبب: يُجمع متفرّقه.
ونوم مضطجعٍ ومتورّكٍ.
وإغماءٌ وجنونٌ وسُكْرٌ.
وقهقهة مصلٍّ بالغٍ.
ومباشرةٌ فاحشةٌ.
لا خروج دودةٍ من جرحٍ، ومسّ ذكرٍ، وامرأةٍ.
وفرض الغسل: غسل فمه وأنفه وبدنه.
لا دلكه، وإدخال الماء داخل الجلدة للأقلف.
وسنّته: أن يغسل يديه وفرجه ونجاسةً لو كانت على بدنه، ثمّ يتوضّأ ثمّ يفيض الماء على بدنه ثلاثًا.
ولا تنقض ضفيرةٌ إن بلّ أصلها.
وفرض عند منيٍّ ذي دفقٍ وشهوةٍ عند انفصاله.
وتواري حشفةٍ في قبلٍ أو دبرٍ عليهما.
وحيضٌ ونفاسٌ.
لا مذيٌ ووديٌ واحتلامٌ بلا بللٍ.
1 / 140
وسنّ للجمعة والعيدين والإحرام وعرفة
ووجب للميّت.
ولمن أسلم جنبًا وإلّا ندب
ويتوضّأ بماء السّماء والعين والبئر والبحر وإن غيّر طاهرٌ أحد أوصافه أو أنتن بالمكث
لا بماءٍ تغيّر بكثرة الأوراق، أو بالطّبخ، أو اعتصر من شجرٍ أو ثمرٍ، أو غلب عليه غيره أجزاءً
وبماءٍ دائمٍ فيه نجسٌ إن لم يكن عشرًا في عشرٍ، فهو كالجاري، وهو ما يذهب بتبنة فيتوضّأ منه إن لم ير أثره وهو طعمٌ أو لونٌ أو ريحٌ
وموت ما لا دم له فيه كالبقّ والذّباب والزّنبور والعقرب والسّمك والضّفدع والسّرطان لا ينجّسه
والماء المستعمل لقربةٍ أو رفع حدثٍ إذا استقرّ في مكان طاهرٌ لا مطهّرٌ
1 / 141
ومسألة البئر جحط
وكلّ إهابٍ دبغ فقد طهر، إلّا جلد الخنزير والآدميّ، وشعر الإنسان والميتة وعظمهما طاهران
وتنزح البئر بوقوع نجسٍ لا ببعرتي إبلٍ وغنمٍ وخرء حمّامٍ وعصفورٍ
وبول ما يؤكل لحمه نجسٌ
لا ما لم يكن حدثًا
ولا يشرب أصلًا
وعشرون دلوًا وسطًا بموت نحو فأرةٍ
وأربعون بنحو حمامةٍ
1 / 142
وكلّه بنحو شاةٍ وانتفاخ حيوانٍ أو تفسّخه
ومائتان لو لم يمكن نزحها
ونجّسها منذ ثلاثٍ فأرةٌ منتفخةٌ جهل وقت وقوعها
وإلّا منذ يومٍ وليلةٍ
والعرق كالسّؤر
وسؤر الآدميّ والفرس وما يؤكل لحمه طاهرٌ
والكلب والخنزير وسباع البهائم نجسٌ
والهرّة والدّجاجة المخلاة وسباع الطّير وسواكن البيوت مكروهٌ
والحمار والبغل مشكوكٌ
يتوضّأ به ويتيمّم إن فقد ماءً
وأيًّا قدّم صحّ
بخلاف نبيذ التّمر
1 / 143
باب التّيمّم
يتيمّم لبعده ميلًا عن ماءٍ أو لمرضٍ أو بردٍ أو خوف سبعٍ أو عدوٍّ أو عطشٍ أو فقد آلةٍ
مستوعبًا وجهه ويديه مع مرفقيه
بضربتين
ولو جنبًا أو حائضًا
بطاهرٍ من جنس الأرض وإن لم يكن عليه نقعٌ وبه بلا عجزٍ
ناويًا
فلغا تيمّم كافرٍ لا وضوءه
ولا ينقضه ردّةٌ
بل ناقض الوضوء وقدرة ماءٍ فضل عن حاجته
فهي تمنع التّيمّم وترفعه
1 / 144
وراجي الماء يؤخّر الصّلاة
وصحّ قبل الوقت
ولفرضين
وخوف فوت صلاة جنازةٍ
أو عيدٍ
ولو بناءً
لا فوت جمعةٍ ووقتٍ
ولم يعد إن صلّى به ونسي الماء في رحله
ويطلبه غلوةً إن ظنّ قربه وإلّا لا
ويطلبه من رفيقه فإن منعه تيمّم
وإن لم يعطه إلّا بثمن مثله وله ثمنه لا يتيمّم وإلّا تيمّم
ولو أكثره مجروحًا تيمّم
وبعكسه يغسل ولا يجمع بينهما
1 / 145
باب المسح على الخفّين
صحّ ولو امرأةً لا جنبًا إن لبسهما على وضوءٍ تامٍّ وقت الحدث
يومًا وليلةً للمقيم وللمسافر ثلاثًا
من وقت الحدث
على ظاهرهما مرّةً بثلاث أصابع يبدأ من رءوس الأصابع إلى السّاق
والخرق الكبير يمنعه وهو قدر ثلاث أصابع القدم أصغرها
ويجمع في خفٍّ لا فيهما
بخلاف النّجاسة والانكشاف
وينقضه ناقض الوضوء
ونزع خفٌّ
ومضيّ المدّة إن لم يخف ذهاب رجله من البرد
1 / 146
وبعدهما غسل رجليه فقط
وخروج أكثر القدم نزعٌ
ولو مسح مقيمٌ فسافر قبل تمام يومٍ وليلةٍ مسح ثلاثًا
ولو أقام مسافرٌ بعد يومٍ وليلةٍ نزع، وإلّا يتمّ يومًا وليلةً
وصحّ على الموق والجورب المجلّد والمنعّل والثّخين
1 / 147
لا على عمامةٍ وقلنسوةٍ وبرقعٍ وقفّازين
والمسح على الجبيرة وخرقة القرحة ونحو ذلك كالغسل فلا يتوقّت
ويجمع مع الغسل
ويجوز وإن شدّها بلا وضوءٍ
ويمسح على كلّ العصابة كان تحتها جراحةٌ أو لا
فإن سقطت عن برءٍ بطل وإلّا لا
ولا يفتقر إلى النّيّة في مسح الخفّ والرّأس
1 / 148
باب الحيض
هو دمٌ ينفضه رحم امرأةٍ سليمةٍ عن داءٍ وصغرٍ
وأقلّه ثلاثة أيّامٍ وأكثره عشرةٌ
وما نقص أو زاد استحاضةٌ
وما سوى البياض الخالص حيضٌ
يمنع صلاةً وصومًا
وتقضيه دونها
ودخول مسجدٍ والطّواف وقربان ما تحت الإزار وقراءة القرآن ومسّه إلّا بغلافه
ومنع الحدث المسّ
ومنعهما الجنابة والنّفاس
وتوطأ بلا غسلٍ بتصرّمٍ لأكثره
ولأقلّه لا حتّى تغتسل أو يمضي عليها أدنى وقت صلاةٍ
والطّهر بين الدّمين في المدّة حيضٌ ونفاسٌ
1 / 149
وأقلّ الطّهر خمسة عشر يومًا
ولا حدّ لأكثره إلّا عند نصب العادة في زمان الاستمرار
ودم الاستحاضة كرعاف دائم، لا يمنع صوما، وصلاة، ووطأ.
ولو زاد الدّم على أكثر الحيض والنّفاس فما زاد على عادتها استحاضةٌ
ولو مبتدأةً فحيضها عشرةٌ ونفاسها أربعون
وتتوضّأ المستحاضة ومن به سلس البول أو استطلاق بطنٍ أو انفلات ريحٍ أو رعافٌ دائمٍ أو جرحٌ لا يرقأ لوقت كلّ فرضٍ
ويصلّون به فرضًا ونفلًا
ويبطل بخروجه فقط
وهذا إذا لم يمض عليه وقت فرضٍ إلّا وذلك الحدث يوجد فيه
والنّفاس دمٌ يعقب الولد
ودم الحامل استحاضةٌ
والسّقط إن ظهر بعض خلقه ولدٌ
1 / 150
ولا حدّ لأقلّه
وأكثره أربعون يومًا والزّائد استحاضةٌ
ونفاس التّوأمين من الأوّل
1 / 151
باب الأنجاس
يطهر البدن والثّوب بالماء وبمائعٍ مزيلٍ كالخلّ وماء الورد لا الدّهن
والخفّ بالدّلك بنجسٍ ذي جرمٍ وإلّا يغسل
وبمنيّ يابسٍ بالفرك، وإلّا يغسل
ونحو السّيف بالمسح
والأرض باليبس وذهاب الأثر للصّلاة لا للتّيمّم
وعفي قدر الدّرهم كعرض الكفّ من نجسٍ مغلّظٍ كالدّم والخمر وخرء الدّجاج وبول ما لا يؤكل والرّوث والخثي
وما دون ربع الثّوب من مخفّفٍ كبول ما يؤكل والفرس وخرء طيرٍ لا يؤكل
1 / 152
ودم السّمك ولعاب البغل والحمار
وبولٌ انتضح كرءوس الإبر
والنّجس المرئيّ يطهر بزوال عينه إلّا ما يشقّ
وغيره بالغسل ثلاثًا والعصر كلّ مرّةٍ
وبتثليث الجفاف فيما لا ينعصر
وسنّ الاستنجاء بنحو حجرٍ منقٍّ
وما سنّ فيه عددٌ
وغسله أحبّ
ويجب إن جاوز النّجس المخرج
ويعتبر القدر المانع وراء موضع الاستنجاء
لا بعظمٍ وروثٍ وطعامٍ ويمينٍ).
1 / 153
كتاب الصّلاة
وقت الفجر من الصّبح الصّادق إلى طلوع الشّمس
والظّهر من الزّوال إلى بلوغ الظّلّ مثليه سوى الفيء
والعصر منه إلى الغروب
والمغرب منه إلى غروب الشّفق وهو البياض
والعشاء والوتر منه إلى الصّبح
ولا يقدّم على العشاء للتّرتيب
ومن لم يجد وقتهما لم يجبا
وندب تأخير الفجر وظهر الصّيف والعصر ما لم تتغيّر الشمس
والعشاء إلى الثّلث والوتر إلى آخر اللّيل لمن يثق بالانتباه
وتعجيل ظهر الشّتاء والمغرب
وما فيها عينٌ يوم غين
1 / 154
ويؤخّر غيره فيه
ومنع عن الصّلاة وسجدة التّلاوة وصلاة الجنازة عند الطّلوع والاستواء والغروب إلّا عصر يومه
وعن التّنفّل بعد صلاة الفجر والعصر
لا عن قضاء فائتةٍ وسجدة تلاوةٍ وصلاة جنازةٍ
وبعد طلوع الفجر بأكثر من سنّة الفجر
وقبل المغرب ووقت الخطبة
وعن الجمع بين صلاتين في وقتٍ بعذرٍ
1 / 155