El completo en la historia

Ibn al-Atir d. 630 AH
24

El completo en la historia

الكامل في التاريخ

Investigador

عمر عبد السلام تدمري

Editorial

دار الكتاب العربي

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٧هـ / ١٩٩٧م

Ubicación del editor

بيروت - لبنان

Géneros

Historia
طِينًا لَازِبًا، ثُمَّ تُرِكَتْ حَتَّى صَارَتْ حَمَأً مَسْنُونًا، ثُمَّ تُرِكَتْ حَتَّى صَارَتْ صَلْصَالًا، كَمَا قَالَ رَبُّنَا، ﵎: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٢٦]» . وَاللَّازِبُ: الطِّينُ الْمُلْتَزِبُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. ثُمَّ تُرِكَ حَتَّى تَغَيَّرَ، وَأَنْتَنَ، وَصَارَ حَمَأً مَسْنُونًا، يَعْنِي مُنْتِنًا، ثُمَّ صَارَ صَلْصَالًا، وَهُوَ الَّذِي لَهُ صَوْتٌ. وَإِنَّمَا سُمِّيَ آدَمَ لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَرَ اللَّهُ بِتُرْبَةِ آدَمَ فَرُفِعَتْ، فَخَلَقَ آدَمَ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ، وَإِنَّمَا كَانَ حَمَأً مَسْنُونًا بَعْدَ الْتِزَابٍ فَخَلَقَ مِنْهُ آدَمَ بِيَدِهِ لِئَلَّا يَتَكَبَّرَ إِبْلِيسُ عَنِ السُّجُودِ لَهُ. قَالَ: فَمَكَثَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَقِيلَ: أَرْبَعِينَ سَنَةً، جَسَدًا مُلْقًى، فَكَانَ إِبْلِيسُ يَأْتِيهِ فَيَضْرِبُهُ بِرِجْلِهِ فَيُصَلْصِلُ، أَيْ يُصَوِّتُ، قَالَ: فَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ﴾ [الرحمن: ١٤]، يَقُولُ: مُنْتِنٌ كَالْمَنْفُوخِ الَّذِي لَيْسَ بِمُصْمَتٍ، ثُمَّ يَدْخُلُ مِنْ فِيهِ فَيَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ، وَيَدْخُلُ مِنْ دُبُرِهِ، وَيَخْرُجُ مِنْ فِيهِ، ثُمَّ يَقُولُ: لَسْتَ شَيْئًا، وَلِشَيْءٍ مَا خُلِقْتَ، وَلَئِنْ سُلِّطْتُ عَلَيْكَ لَأُهْلِكَنَّكَ، وَلَئِنْ سُلِّطْتَ عَلِيَّ لَأَعْصِيَنَّكَ. فَكَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تَمُرُّ بِهِ فَتَخَافُهُ، وَكَانَ إِبْلِيسُ أَشَدَّهُمْ مِنْهُ خَوْفًا. فَلَمَّا بَلَغَ الْحِينُ الَّذِي أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَنْفُخَ فِيهِ الرُّوحَ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ [الحجر: ٢٩] فَلَمَّا نَفَخَ الرُّوحَ فِيهِ دَخَلَتْ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، وَكَانَ لَا يَجْرِي شَيْءٌ مِنَ الرُّوحِ فِي جَسَدِهِ إِلَّا صَارَ لَحْمًا، فَلَمَّا دَخَلَتِ الرُّوحُ رَأْسَهُ عَطَسَ، فَقَالَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ. وَقِيلَ: بَلْ أَلْهَمَهُ اللَّهُ التَّحْمِيدَ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: رَحِمَكَ رَبُّكَ يَا آدَمُ. فَلَمَّا دَخَلَتِ الرُّوحُ عَيْنَيْهِ نَظَرَ إِلَى ثِمَارِ الْجَنَّةِ، فَلَمَّا بَلَغَتْ جَوْفَهُ اشْتَهَى الطَّعَامَ، فَوَثَبَ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ الرُّوحُ رِجْلَيْهِ عَجْلَانَ إِلَى ثِمَارِ الْجَنَّةِ، فَذَلِكَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى:

1 / 28