201

El completo en la historia

الكامل في التاريخ

Editor

عمر عبد السلام تدمري

Editorial

دار الكتاب العربي

Edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٧هـ / ١٩٩٧م

Ubicación del editor

بيروت - لبنان

Géneros

Historia
وَكَانَ الْهُدْهُدُ قَدْ مَرَّ عَلَى قَصْرِ بِلْقِيسَ فَرَأَى بُسْتَانًا لَهَا خَلْفَ قَصْرِهَا، فَمَالَ إِلَى الْخُضْرَةِ، فَرَأَى فِيهِ هُدْهُدًا فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ أَنْتَ عَنْ سُلَيْمَانَ وَمَا تَصْنَعُ هَهُنَا؟ فَقَالَ لَهُ: وَمَنْ سُلَيْمَانُ؟ فَذَكَرَ لَهُ حَالَهُ وَمَا سُخِّرَ لَهُ مِنَ الطَّيْرِ وَغَيْرِهِ، فَعَجِبَ مِنْ ذَلِكَ. فَقَالَ لَهُ هُدْهُدُ سُلَيْمَانَ: وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كَثْرَةَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ تَمْلِكُهُمُ امْرَأَةٌ ﴿وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾ [النمل: ٢٣] . وَجَعَلُوا الشُّكْرَ لِلَّهِ أَنْ سَجَدُوا لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِهِ، وَكَانَ عَرْشُهَا سَرِيرًا مِنْ ذَهَبٍ، مُكَلَّلٌ بِالْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ مِنَ الْيَوَاقِيتِ وَالزَّبَرْجَدِ وَاللُّؤْلُؤِ.
ثُمَّ إِنَّ الْهُدْهُدَ عَادَ إِلَى سُلَيْمَانَ فَأَخْبَرَهُ بِعُذْرِهِ فِي تَأْخِيرِهِ، فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهَا، فَوَافَاهَا وَهِيَ فِي قَصْرِهَا فَأَلْقَاهُ فِي حِجْرِهَا، فَأَخَذَتْهُ وَقَرَأَتْهُ، وَأَحْضَرَتْ قَوْمَهَا وَقَالَتْ: ﴿إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ - إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ - الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ - يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ﴾ [النمل: ٢٩ - ٣٢] . . . . ﴿مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ﴾ [النمل: ٣٢]
﴿قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ﴾ [النمل: ٣٣] قَالَتْ وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَإِنْ قَبِلَهَا فَهُوَ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا فَنَحْنُ أَعَزُّ مِنْهُ وَأَقْوَى، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا فَهُوَ نَبِيٌّ مِنَ اللَّهِ.
فَلَمَّا جَاءَتِ الْهَدِيَّةُ إِلَى سُلَيْمَانَ قَالَ لِلرُّسُلِ: ﴿أَتُمِدُّونَنِي بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ﴾ [النمل: ٣٦]- إِلَى قَوْلِهِ -: ﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [النمل: ٣٧]، فَلَمَّا رَجَعَ الرُّسُلُ إِلَيْهَا سَارَتْ إِلَيْهِ وَأَخَذَتْ مَعَهَا الْأَقْيَالَ مِنْ قَوْمِهَا، وَهُمُ الْقُوَّادُ، وَقَدِمَتْ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَارَبَتْهُ وَصَارَتْ مِنْهُ عَلَى نَحْوِ فَرْسَخٍ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: ﴿أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ - قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ﴾ [النمل: ٣٨ - ٣٩]،

1 / 205