80

Kamil Munir

الكامل المنير(المقدمة + الجزء الأول)

فقل للخوارج ولمن قال بمقالتهم: فأي مال أكبر، أو حق أوجب، أو وديعة أضمن من وديعة الله إياه جميع ما تحتاج إليه أمته من حلالها وحرامها؛ إذ كان رسولا إلى آخر أمته كما هو رسول إلى أولها، فأوجب عليه لآخرها ما أوجب عليه لأولها، وأنزل عليه من الحكم للآخر ما أنزل عليه من الحكم للأول(1)؟.

فإن زعموا أنه مضى ولم يستودع تلك الوديعة أحدا - وحاشاه صلوات الله عليه وآله - فقد [أعظمت الفرية على الله خاصة](2)؛ إذ زعموا أنه بعث نبيا إلى أمة بجميع ما تحتاج تلك الأمة إليه، فلو علم الله(3) أن رسوله لا يبلغ ما أرسله به، وإن أقروا أنه قد استودع ما استودعه الله عز وجل من يقوم به من بعده فالأمة أولى وأحق بالعصيان لله بكتمان البلاغ، وإضاعة الوديعة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنا نرى الله تبارك وتعالى أنزل نبيه صلوات الله عليه وآله من عباده بمنزلة الوالد البر الحدب، الشفيق، الرؤوف الرحيم، يأمر ولده المدبر لشأنهم، العارف لأمورهم، العالم بمصلحتهم، وإنما يخاف عليهم فساده من بعده بما قلده الله من أمر عباده، فلم يكن ليدع حسن النظر في هذا الوجه الذي ينسب من تركه إلى الجهل وسوء التدبير وقبح الصفة.

Página 80