يقول: لم يسق غيلًا، وقال رسول اله ﷺ: "هممت أن أنهى أمتي عن الغيلة حتى علمت أن فارس والروم تفعل ذلك بأولادها، فلا تضير أولادها". والغيلة: أن ترضع المرأة وهي حامل، أو ترضع وهي تغشى. ويزعم أهل الطب من العرب والعجم أن ذلك اللبن داءٌ. وقالت أم تأبط شرًا: والله ما حملته تضعًا - ووضعًا أيضأً - ولا وضعته تينًا، ولا سقيته غيلًا، ولا أبته مئقًا. وقال الأصمعي: ولا أبته على مأقةٍ.
قولها: "ما حملته تضعًا"، يقال إذا حملت المرأة عند مقتبل الحيض: حملته وضعًا وتضعًا، وإذا خرجت رجلًا المولود من قبل رأسه قيل: وضعته يتنًا قال الشاعر:
فجاءت به يتنًا يجر مشيمة١ ... تسابق رجلاه هناك الأناملا
ويقال للرجل إذا قلب الشيء عن جهته: جاء به يتنًا قال عيسى بن عمر: سألت ذا الرمة عن مسألة، فقال لي: أتعرف اليتن؟ قلت: نعم، قال: فمسألتك هذه يتن. قال: وكنت قد قلت الكلام.
والغيل ما فسرناه.
وأما قولها: ولا أبته مئقًا، تقول: لن أبته مغيظًا: وذلك أن الخرقاء تبيت ولدها جائعًا مغمومًا، لحاجته إلى الرضاع، ثم تحركه في مهده حتى يغلبه الدوار فينومه: والكيسة تشبعه وتغنيه في مهده، فيسري ذلك الفرح في بدنه من الشبع كما سرى ذلك الغم والجوع في بدن الآخر.
ومن أمثال العرب: "أنا تئق، وصاحبي مئق، فكيف نتفق؟ التئق: المملوء غيظًا وغضبًا، والمئق: القليل الا حتمال، فلا يقع الاتفاق.