شر منه" أخرجه البخاري في صحيحه عن أنس ﵁، ولكن الأمر كما قال الشيخ رحمه الله تعالى: ومن له خبرة بما بعث الله به رسوله ﷺ وبما عليه أهل الشرك والبدع اليوم في هذا الباب وغيره علم أن بينهم وبينهما أبعد مما بين المشرق والمغرب، وهذه هي الفتنة التي قال فيها ابن مسعود ﵁: كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير، وينشأ فيها الصغير، يتخذها الناس سنة، إذا غيرت قيل غيرت السنة. والله أعلم. قال ابن القيم رحمه الله تعالى: والناس قد ابتلوا بالأنصاب والأزلام، فالأنصاب للشرك والأزلام لطلب علم ما استأثر الله به، هذه للعلم وتلك للعمل. ودين الله تعالى مضاد لهذا وهذا. وعمى الصحابة قبر دانيال بأمر عمر ﵁، ولما بلغه أن الناس ينتابون الشجرة التي بويع رسول الله ﷺ تحتها أرسل فقطعها. قال عيسى بن يونس: هو عندنا من حديث عون بن نافع، فإذا كان هذا فعله في الشجرة التي ذكرها الله في القرآن وبايع تحتها الصحابة رسول الله ﷺ فماذا حكمه فيما عداها؟ وأبلغ من ذلك أن رسول الله ﷺ هدم مسجد الضرار، ففيه دليل على هدم المساجد التي هي أعظم فسادا منه كالمبنية على القبور، وكذلك قبابها، فتجب المبادرة إلى هدم ما لعن رسول الله ﷺ فاعله، والله يقيم لدينه من ينصره ويذب عنه. وكان بدمشق كثير من هذه الأنصاب فيسر الله تعالى كسرها على يد شيخ الإسلام وحزب الموحدين وكان العامة يقولون لشيء منها أنه يقبل النذر، أي يقبل العبادة من دون الله، فالنذر عبادة يتقرب بها الناذر إلى المنذور له. ولقد كره السلف التمسح بحجر المقام الذي أمر الله أن يتخذ منه مصلى، قال قتادة في الآية: إنما أمروا بأن يصلوا عنده ولم يؤمروا بمسحه. ولقد تكلفت هذه الأمة شيئا ما تكلفته الأمم قبلها، ذكر لنا من رأى أثر أصابعه فما زالت هذه الأمة تمسحه حتى اخلولق. وأعظم فتنة بهذه الأنصاب فتنة أصحاب القبور، وهي أصل فتنة عباد الأصنام كما ذكر الله عن قوم نوح في قوله: ﴿وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ الآية. ذكر السلف في تفسيرها أن هؤلاء أسماء رجال صالحين في قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد
1 / 350