وأما قوله تعالى ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ﴾:
فهو معطوف على (آمنوا).
قال ابن الخطيب وغيره: هذه الآية تدل على أن الأعمال غير داخلة في الإيمان، لأنه تعالى ذكر الإيمان ثم عطف عليه العمل الصالح، فوجب التغاير، وإلا لزم التكرار، وهو خلاف الأصل انتهى.
يعني: ففي الآية رد على مَنْ جعل العمل من الإيمان، لأن العطف دليل على المغايرة، والذي ذهب إليه جمهور المحدثين والمعتزلة والخوارج أن الإيمان مجموع ثلاثة أمور: اعتقاد الحق، والإقرار به، والعمل بمقتضاه، فمن أخلَّ بالاعتقاد وحده فهو منافق، ومَنْ أخلَّ بالإقرار فهو كافر، ومَنْ أخلَّ بالعمل فهو فاسق إجماعًا، وكافر عند الخوارج، وخارج عن الإيمان غير داخل في الكفر عند المعتزلة، وأما المرجئة فقالوا: الإيمان اعتقاد ونطق فقط، والكرامية قالوا: هو نطق فقط.
وبالجملة: فالعبد إذا فعل فعلًا لا يدل على الكفر، كالفسق: فَمَنْ أطلق عليه الإيمان فبالنظر إلى إقراره، ومَنْ نفي عنه الإيمان فبالنظر إلى كماله، ومَنْ أطلق عليه الكفر فبالنظر إلى أنه فَعَل فعل الكافر.
1 / 57