واجتمع في بعض الزمان ملوك الأقاليم من الصين والهند وفارس والروم؛ وقالوا ينبغي أن يتكلم كل واحدٍ منا بكلمة تدون عنه على غابر الدهر. فقال ملك الصين: أنا على ما لم أقل أقدر مني على رد ما قلت. وقال ملك الهند: عجبت لمن يتكلم بالكلمة فإن كانت له لم تنفعه، وإن كانت عليه أوبقته. وقال ملك فارس: أنا إذا تكلمت بالكلمة ملكتني، وإذا لم أتكلم بها ملكتها. وقال ملك الروم: ما ندمت على ما لم أتكلم به قط، ولقد ندمت على ما تكلمت به كثيرًا. والسكوت عند الملوك أحسن من الهذر الذي لا يرجع منه إلى نفع. وأفضل ما استظل به الإنسان لسانه. غير أن الملك، أطال الله مدته، لما فسح لي في الكلام وأوسع لي فيه؛ كان أولى ما أبدأ به من الأمور التي هي غرضي أن يكون ثمرة ذلك له دوني؛ وأن اختصه بالفائدة قبلي. على أن العقبى هي ما أقصد في كلامي له؛ وإنما نفعه وشرفه راجعٌ إليه؛ وأكون أنا قد قضيت فرضًا وجب علي فأقول:
1 / 26