لا يمكنه التأسي بأبي بكر وعمر؛ لأنهما تكلما مجيبين للنبي ﷺ، وإجابته واجبة، ولا بذي اليدين؛ لأنه تكلم سائلًا عن قصر الصلاة في زمن يمكن ذلك فيه، فعذر، بخلاف غيره، واختارها الخرقي.
والثالثة: تفسد صلاتهم؛ لعموم قول النبي ﷺ: «إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس» اختارها أبو بكر، والأول أولى.
النوع الثالث: أن يتكلم من صلب الصلاة، فإن كان عمدًا أبطل الصلاة إجماعًا لما رويناه، ولما روى زيد بن أرقم، قال: «كنا نتكلم في الصلاة؛ يكلم الرجل صاحبه، حتى نزلت: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٨] فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام» متفق عليه. وإن تكلم ناسيًا، أو جاهلًا بتحريمه ففيه روايتان:
إحداهما: يبطلها، لما روينا، ولأنه من غير جنس الصلاة، فأشبه العمل الكثير.
والثانية: لا يفسدها، لما «روى معاوية بن الحكم السلمي، قال: بينما أنا أصلي مع النبي ﷺ، إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه! ما شأنكم تنظرون إلي؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم لكي أسكت، فلما صلى رسول الله ﷺ، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله ما كهرني، ولا ضربني، ولا شتمني، ثم قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن» رواه مسلم. فلم يأمره النبي ﷺ بالإعادة لجهله، والناسي في معناه.