(حتى لا يصير نفس العلم مقصودًا)؛ لأن المقصود من هذه المشروعات الابتلاء، والابتلاء إنما يتحقق بالعمل والعلم لا بالعلم فحسب، ولا يقال: كيف جعل العمل من قسم العلم بقوله: «والقسم الثاني علم الفروع وهو الفقه، وهو ثلاثة أقسام ....» إلى آخره. مع أن العمل مغاير للعلم حدا وحقيقة، فكيف جعل العمل من قسم العلم؟
لأنا نقول: إن جعل العمل من قسم العلم حصل من تأويلنا للقسمة الأولى التي قسمها المصنف بقوله: «العلم نوعان»، أي العلم المنجيء من العقاب نوعان، والعلم إنما يكون منجيًا من العقاب أن لو كان العمل مقرونًا بذلك العلم.
(فإذا تمت هذه الوجوه كان فقيهًا). ذُكر أن أعرابيا دخل على رسول الله ﷺ وقال: علمني يا رسول الله سورة من القرآن، فعلمه سورة ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ﴾ حتى إذا بلغ إلى قوله تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه﴾ فقال الأعرابي: حسبي يا رسول الله، فقال ﵇: «فقه الرجل». سماه فقيهًا حين علم منه أنه يضم العمل إلى العلم.
(وقد دل على هذا المعنى) أي على ما ادعينا من أن الفقه عبارة عن إتقان المعرفة بالشيء مع العمل به.
1 / 170