واعتبرنا الشرط الثاني، لان من عداه سبحانه يصح منه ايثار القبيح فلا يؤمن منه تصديق الكذاب وبعثة الصادق بالمفاسد، وذلك مانع من اتباع الداعي، وطريق العلم بذلك أن يكون الخارق للعادة مما يختص جنسه بمقدوره كالجواهر والحياة وغيرهما.
وأعتبرنا الشرط الثالث لانه لو تكامل الشرطان ولم يتعلق الحادث بدعوة مدع معين لم يكن مدع بالتصديق أولى من مدع، من حيث علمنا أنه لو حدث في السماء أو في الارض حادث لم تجر العادة به مما يختص القديم سبحانه بالقدرة عليه غير متعلق بدعوة مدع، لم يصح من أحد أن يجعله دلالة لعدم التعلق بينه وبين كل مدع.
وطريق العلم بالمعجزة المشاهدة، والخبر المعلوم صحته، لاستناده إلى قول صادق لا يجوز كذبه أو تواتر، وهو على ضربين: أحدهما: بسبق العلم بمخبره لحال النظر في صفات ناقله(1) كوجود بغداد والبصرة ووجود بدر وحنين وصفين والجمل، وماهذه حاله يجرى مجرى العلم الحاصل بالمدرك في البعد عن الشبهة، وان اختلف الطريقان.
والضرب الثاني: من التواتر هو مايقف العلم به على العلم بصدق ناقليه وانما يعلم صدقهم لتعذر الكذب عليهم، وانما يعلم ذلك من واحد وجهين: أحدهما: بشاهد الحال كالجماعة التى تنقل ركوب الامير أو قتل الوزير على صفة لا يصلح معها اتفاق ولا تواطؤ، وهذا الضرب من التواتر لا يفتقر إلى بلوغ الناقلين حدا متواترة(2) من الكثرة وتنائى الديار، بل كل من تأمله علم صحة المخبر عنه وان لم يبلغوا عشرة.
Página 69