ويندفع هذا الاعتراض بأن هذا الاختلاف فيه غير قادح أيضا؛ لأن الاضطراب إنما يكون موجبا للضعف إذا تساوت وجوهه وتعذر الترجيح، وليس الأمر هنا كذلك؛ لأن رواية خالد بن مخلد لا تنافي رواية ابن عثمة، لأنه لا يبعد أن يكون عبد الله بن شداد سمعه من أبيه عن ابن مسعود، ثم لقي ابن مسعود فسمعه منه، وإنما قلنا ذلك مع جواز أن يكون روايته عن أبيه هي المتصلة لثبوت لقائه لابن مسعود في غير هذا الحديث ، ولأن أئمة الحديث لم يصفوه بالتدليس، وأما رواية ابن أبي شملة فالظاهر أنه وهم في عبد الله بن شداد، ويدل على ذلك شكه هل هو عبد الله بن عتبة، أو عتبة بن عبد الله، وأما رواية ابن أبي الزناد فلا يعول عليها؛ لأنها من طريق محمد بن مسلمة الواسطي وهو متروك الحديث متهم، عن يعقوب بن محمد الزهري وهو ضعيف، فظهر أنه لا أثر لهذا الاختلاف في تضعيفه، وإنما قصرنا به عن الوصف بالصحة لتفرد عبد الله بن كيسان به، وليس هو من أهل الضبط والإتقان، بل هو مستور، لم تتحقق أهليته، وورد لمتن حديثه شواهد تعضده، وهذا ضابط أحد قسمي الحسن، فلذا قررنا كونه حسنا، فمن شواهده:
* ما قرئ على الإمام الحبر البحر شيخ الإسلام أبو حفص بن أبي الفتح البلقيني رضي الله عنه وأنا أسمع، أخبركم أبو محمد إسماعيل بن إبراهيم ابن الإمام، أن المعين أحمد بن علي بن يوسف الدمشقي أخبره، قال: أنا أبو القاسم هبة الله بن علي بن مسعود البوصيري، أنا أبو صادق مرشد بن يحيى، أنا الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبال، نا عبد الرحمن بن عمر، أنا إسماعيل بن يعقوب بن الجراب، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، نا علي بن عبد الله هو ابن المديني، نا سفيان هو ابن عيينة، عن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أتاني آت من ربي فقال: ما من عبد يصلي عليك صلاة إلا صلى الله عليه بها عشرا))، فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله، أأجعل نصف دعائي لك؟ قال: ((إن شئت))، قال: لا، أأجعل لك ثلثي دعائي؟ قال: ((إن شئت))، قال: لا، أأجعل دعائي كله لك؟ قال: ((إذن يكفيك الله هم الدنيا وهم الآخرة)).
Página 35