كتاب الجملة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الذي جل ثناؤه، وتقدست أسماؤه، وهو الذي لا يمكن الأوهام أن تناله، ولا العقول أن تختاله، ولا الألسن أن تمتحنه، ولا الأسماع أن تشتمله، ولا الأبصار أن تتمثله. إن الله تبارك وتعالى اصطفى الإسلام دينا، فلم يؤامر فيه ملكا مقربا، ولا نبيا مرسلا، ولم يجعله بأماني الناس، ولم يتبع الحق أهوائهم، ولكنه اصطفى من ملائكته رسلا إلى من انتجبه من خلقه، فبعثهم أنبياء يدعون الناس إلى خلع الأنداد، وترك عبادة الأصنام، وأن يخلع كل معبود من دون الله تبارك وتعالى.
ثم كلف جميع خلقه الذين حملهم الدين وكلفهم إياه، وأقام عليهم حجتهم أن يعلموا أنه أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد، وأنه لم يزل ولا يزول، ولايتغير من حال إلى حال، ولا تقع عليه الأوهام، ولا تقدره العقول، ولا تحيط به الأقطار، ولا تدركه الأبصار، وهو اللطيف الخبير، وأنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
وأنه العالم الذي لا يجهل، والقادر الذي لا يعجز، والقاهر الذي لا يغلب، والدائم الذي لا يبيد، والحي الذي لا يموت، والحليم الذي لا يعجل.
وأنه الأول الذي لا شيء قبله ولا قديم غيره، والآخر الذي لا شيء بعده، وأنه القديم وما سواه محدث، وأنه الغني وما سواه إليه فقير، وأنه العزيز وما سواه ذليل، وأنه الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم.
وأنه العدل في قضائه، الجواد في عطائه، الناظر لخلقه، الرحيم بعباده، الذي لا يظلم مثقال ذرة، وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما.
Página 246