واندكت الأرض بالأحذية وكعوب البنادق مرات، وعوقب بعض وكدر آخرون.
ثم ...
جنبان سلاح و... كتفان سلاح، و... داورية، معتادان مارش.
وخرجت داورية الليل تئز وتتمايل وفي آخرها العسكري البدين يحاول عبثا أن يوفق بين جسده غير المنتظم وخطواته المنتظمة.
وأصبح فناء القسم بعد خروجها خاويا كعربة قطار الليل حين يقترب من آخر محطة، وعدت إلى الصول فرحات فوجدته لا يزال يحقق مع المرأة ويسألها: اتلموا عليكي فين؟ - جوه السيما. - وإيه اللي دخلك السيما يا بت؟ - محمود. - محمود مين؟ - محمود!
وهنا بدت على الصول فرحات صعيديته، وسألها وجبهته معقودة دون أن يكتب في المحضر: محمود دا إيه يا بت؟ - ابن خالتي.
ووضع القلم من يده وهو يقول: آه يا بلد كابوريا يا ولاد ال...
وأخرج من جيبه علبة صفيح قديمة من التي تباع فيها السجائر الغالية، ولمحت فيها سيجارتين سادة وواحدة بفلة وعلبة كبريت، وأشعل السادة وغمغم بأشياء مبهمة تمس الآباء والأجداد وانجاب الإبهام حين قال لنفسه: سيما، هه، قال سيما قال! وتدخلوا السيما تنيلوا إيه؟! هو انتو بتوع سيما؟!
وانفلت من حديثه لنفسه يسأل المرأة وقد ثنى ظهره إلى الوراء ووضع ساقا فوق ساق: وتدخلي سيما يا بت مع واد زي ده ليه؟
وبحث بعينه ناحيتي ولعله كان يود أن يشهدني على إجابتها فقلت له: إيه، هو المحضر لسه؟ - آه، لسه، هو هيخلص؟ حاضر، أنا عارف إني عطلتك، دقيقة واحدة وافضالك.
Página desconocida