كان حمزة قد انتهى من تفكيره إلى قرار، فلا بد أن يذهب هو وينقذ «الأسمنت» مهما حدث، ولتكن مخاطرة وليقبض عليه، ولكن لا بد من إنقاذ الأسمنت فقال لبدير: أنا رايح أجيب هدومي النهاردة.
فرد بدير وهو لا يزال منهمكا: هه؟ - عوز شنطتك الكبيرة. - هم. - وسبلي المفتاح. - إيه؟ - بس ياخويا البتاع البارز ده ليه؟ يمكن هو السبب؟
وفجأة اشتغلت المنكسة فذعر بدير للمفاجأة، ثم ما لبث أن ابتسم وقال: شفت مدهشة ازاي!
ولكن حمزة أجاب: هات المفتاح. - مفتاح!
واضطر حمزة أن يعيد ما قال، ويمد يده آخر الأمر ويتناول المفتاح.
وخرج بدير.
وذهب حمزة إلى غرفة النوم حيث الحقائب الغالية موضوعة على قاعدة - الصغيرة منها فوق الكبيرة - مكونة هرما مدرجا من الحقائب الأنيقة.
واختار حمزة أكبرها، وجرب طربوشا من طرابيش بدير ولكنه وجده أوسع من رأسه، ولم يجد ما يصلح له إلا طربوشا قديما مهملا، فنظفه ما أمكنه وحشاه بورق جرائد ليستطيع ارتداءه، وقبل أن يغادر الشقة نظر إلى شكله في المرآة الكبيرة الموضوعة في الصالة واطمأن إلى وضع الطربوش وإلى حبكة المنظار الأسود وإلى حواجبه التي كثفها بسواد حصل عليه من رماد قطعة ورق أحرقها.
وغادر المنزل وهو ينظر إلى الناحية البعيدة عن البواب حتى لا يلحظه.
واستوقف أول عربة قابلته وقال للسائق: باب الخلق.
Página desconocida