Geografía Política
الأصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا: مع دراسة تطبيقية على الشرق الأوسط
Géneros
لكن تحقيق هذين الهدفين لا يستدعي بالضرورة الحرب الشاملة، فقد كان هاوسهوفر يرى أن الدول القارية تمتلك مميزات جوهرية بالقياس إلى القوى البحرية، ومن ثم كان ينظر إلى تحقيق اتحاد أو تحالف ألماني روسي على أنه حجر الزاوية في تكوين نواة الوحدة الأورو آسيوية التي تشتمل على إضافة تكتل واسع آخر يتكون من الصين واليابان، وفي الحقيقة نجد أن كارل هاوسهوفر لم يأل جهدا خلال منشوراته وأبحاثه في العشرينيات والثلاثينيات من أجل الدعوة إلى صداقة ألمانية سوفيتية، ودعوة إلى اليابان أن تطور علاقاتها مع كل من الصين والاتحاد السوفيتي.
لقد أثرت أفكار راتزل عن الرابطة الموجودة بين القوى الدولية الكبرى والمسافات القارية الكبيرة على الجيوبوليتيكيين الألمان تأثيرا مباشرا تجلى في ظهور مبدأين: أولهما فكرة أوروبا الكبرى، وثانيهما فكرة الأقاليم الكبرى (انظر خريطة 5) ولقد تكلم هؤلاء السياسيون عن شرق أوروبا على أنه جزء أرضي واقع تحت تأثير القوانين الجيوبوليتيكية الأوروبية، ومن ثم دعوا إلى وحدة أوروبية لكافة أرجاء القارة على أنها شيء وراثي ومن طبيعة الأشياء. وحدود أوروبا في الشرق - كما خططها هؤلاء السياسيون - هي خط يمتد من مصب نهر الدينسنر إلى بحيرة بيبوس - تشود حاليا - الواقعة على حدود جمهورية إستونيا السوفيتية، وبعبارة أخرى كان الحد الشرقي لأوروبا هو خط حدود الاتحاد السوفيتي عام 1939.
خريطة (5).
خريطة (6)، (7): نماذج للحدود المتداخلة في أوروبا. نظرا لتحدد القوميات بوضوح فإن الحدود تتداخل بكثرة في معظم أجزاء أوروبا في المناطق التي يسودها الاستقرار كسويسرا وهولندا واسكندنافيا، ويكون تداخلها مثارا للنزاعات في المناطق التي لم تستقر كالبلقان.
وقد اعتبر هاوسهوفر أن الاتحاد السوفيتي هو بداية آسيا، ولهذا فإنه رأى أن أوروبا - بما فيها دول شرق أوروبا السلافية (بولندا وتشيكوسلوفاكيا والبلقان) - يجب أن تتحد تحت زعامة ألمانيا، وذلك كشرط أساسي لإمكان قيام اتفاقات مع الاتحاد السوفيتي على مصير أورو آسيا كلها؛ أي أن ألمانيا يجب أن تقوى مساحيا بحيث تغطي كل أوروبا لكي تستطيع أن تكون في موقف القوة حين التفاوض مع الاتحاد السوفيتي. بعبارة أخرى نجد في هذا تأكيدا واضحا لمبدأ راتزل عن ارتباط الدولة الكبيرة والمساحة الكبيرة.
وعلى هذا النحو نرى هاوسهوفر وزملاءه يعتنقون مبدأ الاستيلاء على شرق أوروبا كمفتاح لقوة ألمانيا وإمكانها إجبار الاتحاد السوفيتي - دون حرب - على الجلوس مع الألمان للتفاوض بشأن حكم أورو آسيا، هنا أيضا نجد واحدا من مبادئ ماكيندر يلعب دوره في أفكار مدرسة ميونخ السياسية، فقد سبق لماكيندر أن أكد دور شرق أوروبا كعنصر حاسم في التأثير على مصير قلب العالم، وكان ماكيندر يرى أن احتمال استيلاء الألمان على شرق أوروبا أو استيلاء الروس عليه عامل ممهد لتدعيم نفوذ الدولة المنتصرة في التحكم في قلب العالم، وبعبارة أخرى كان ماكيندر يرى أن شرق أوروبا هو مفتاح التحكم في الجزيرة العالمية؛ لأنها العتبة المؤدية إلى قلب العالم.
وفي هذا المجال يجب أن نذكر أن مدرسة ميونخ لم تطالب أبدا بحرب شاملة تدخلها ألمانيا ضد الاتحاد السوفيتي، بل إن هاوسهوفر كان يتشكك في إمكانيات وقدرات استراتيجية حرب الصاعقة الألمانية ضد المساحة الضخمة والموارد الكبيرة للاتحاد السوفيتي، فإن كانت هذه الاستراتيجية قد نجحت في بلاد ذات مساحة محدودة كبولندا وفرنسا وهولندا إلا أن نصيبها من النجاح في المساحات السوفيتية الواسعة أمر محفوف بالمخاطر.
وقد اقترحت مدرسة ميونخ الجيوبوليتيكية نظاما جديدا للسيطرة على القارات في صورة مفهوم الأقاليم الكبرى
Regions (انظر الخريطة 5) وتتكون هذه الأقاليم من:
أمريكا الكبرى:
Página desconocida