Las raíces filosóficas del estructuralismo
الجذور الفلسفية للبنائية
Géneros
Archéologie des sciences humaines
وهو عنوان يمكن أن يعني في اللغة العربية أمورا كثيرة؛ فلفظ
archéologie
هو في معناه المباشر: علم الآثار. وعلم الآثار علم تاريخي، فهل كان هذا ما يهدف إليه فوكو؟ الحقيقة أن رفضه للنزعة التاريخية يؤدي إلى استبعاد هذا التفسير من أساسه. كذلك قد يدل هذا اللفظ على فكرة القدم، بحيث يكون المعنى المقصود هو البحث في الجذور القديمة للعلوم الإنسانية، أو في مبادئها الأولى
1
لا بالمعنى التاريخي، بل بالمعنى البنائي. وهذا بالفعل هو ما يقصده فوكو. فهو لا يريد أن يدرس ماضي العلوم الإنسانية من خلال وثائقها القديمة (كما يفعل علماء الآثار في ميدانهم الخاص)؛ لكي يتابع بالتدريج تلك العملية التي أدت، من خلال تحولات تعاقبت تاريخيا في خط متصل، إلى اتخاذ العلوم الإنسانية طابعها الراهن. بل إنه يجمد كل وضع اتخذته هذه العلوم خلال تلك الفترة، ويتأمل كل مرحلة من مراحلها من خلال عناصر الثبات فيها، ولا يعالجها أبدا على أنها مرحلة انتقالية؛ لأن بناءها يبدو له متماسكا؛ ولأنه يسقط من حسابه عناصر التحول والتغير الكامنة في كل مرحلة، لكي يحتفظ بهيكل بنائي ساكن يراه أنه هو المميز حقا لكل مرحلة.
ففي عصر النهضة نرى بناء أساسيا واحدا يسود جميع المجالات، ويعبر عنه فوكو بفكرة الفلك الكري
La sphère : فالمعارف كلها موحدة، ومقولة التشابه والتماثل هي السارية على جميع الميادين، والمعرفة ذاتها متناهية مقفلة دائرية. ومثل هذا التصوير لعصر النهضة يعتمد في الواقع على الاستشهاد بآراء شخصيات ثانوية في ذلك العصر؛ ولذلك التجأ فوكو في كثير من المواضع إلى آراء شخصيات مغمورة، محققا بذلك هدفين؛ أولهما: أن يبهر القارئ بمعارفه الواسعة وقراءاته المستفيضة، فيجتذب بذلك أولئك الذي لا يبحثون في الفكر إلا عن تبحر صاحبه
érudition . وثانيهما: أن يجد في هذه الشخصيات الثانوية، التي لم تكن تتابع حركة الرفض الناشئة في ذلك الحين، تأييدا لذلك التصوير البنائي الذي عبر به عن روح عصر النهضة. ولو كان فوكو قد رجع إلى الشخصيات الكبيرة في ذلك العصر؛ لأدرك أن كل شيء كان موضوعا موضع الشك والتساؤل، وأن العقول الناضجة لم تكن ترى سوى إشكالات وأسئلة قلقة، حيث كانت العقول الهزيلة ترى كلا متكاملا مقفلا على ذاته. ومن الجائز أن هذه الأسئلة لم تكن تطرح دائما بطريقة صارخة، وأن الشك والقلق كان يخشى التعبير عن كل ما ينطوي عليه من هدم لنظام المعرفة القديم، ولكن من المؤكد أن اتجاه أقطاب عصر النهضة كان واضحا، وأن بركانا كان يغلي تحت السطح، على حين أن فوكو لم يركز نظرته إلا على ذلك السطح الساكن الراكد، فكان من الطبيعي ألا يصور البناء الفكري لذلك العصر إلا على أنه أشبه بالفلك المقفل المستدير.
ومثل هذا يقال عن نظرته إلى العصر الكلاسيكي في القرنين السابع عشر والثامن عشر، حيث كان «النظام
Página desconocida