Jóvenes y Antiguos: Estudios, Crítica y Debates
جدد وقدماء: دراسات ونقد ومناقشات
Géneros
قصد الإنذار في لبنان في شيعتهم ومعتقدهم، فتصدى البطريرك يوسف حبيش لمقاومتهم بأشد غيرة، وأبرز ضدهم «منشورين» بهما ينبه ويحرض ويحتم على أبناء طائفته ليكونوا محترصين من خداعهم (كذا).
ففي المنشور الأول يحظر البطرك الحبيشي على الإكليروس والعلمانيين الموارنة ألا يقننوا كتب البروتستان، وألا يبيعوها أو يشتروها، أو يأخذوها هبة، وألا يطالعوها لأي سبب كان، أما هذه الكتب فهي التوراة والإنجيل وغيرهما من كتب صلوات ومواعظ وجدل ديني، وعلى كل من عنده شيء منها أن يحرقها أو يرسلها إلى الكرسي البطريركي، وألا يتعلموا في مدارسهم، وألا يطالعوا مؤلفاتهم، وإن خالف ذلك إكليركي كان «مربوطا» أو علماني كان «محروما».
وجاء المنشور الثاني في 4 كانون الثاني سنة 1826 فكان أشد لهجة، أمر فيه البطرك الحبيشي أبناء ملته أن يتجنبوا البروتستان التجنب التام دينيا ومدنيا، فلا بيع ولا شراء، ولا قرض ولا استقراض، ولا مؤاكلة ولا محادثة، وبالاختصار لا سلام ولا كلام، ومن يخالف ذلك يسقط في «الحرم الكبير» المحفوظ حله للسلطان البطريركي.
هكذا أمر البطريرك، وهكذا كان، فأصبح الماروني يهرب من البروتستاني هربه من الجدري والطاعون، وإن يخالف فالويل له، فالبطرك الحبيشي بطرك تقي صارم لا يحابي ولا يهاود، كان يحكم لبنان دينيا حكم الأمير بشير مدنيا، وهما معاصران شهيران يعرفهما تاريخ لبنان.
في ذلك الزمن العصيب نهض شاب ماروني يحبو إلى الثلاثين، هو أسعد الشدياق فعصى أوامر البطرك الخطيرة، ولم يبال بظهيرة أمير الجبل الرهيب، وناصر البروتستان علانية، فاستدعاه البطرك إليه ووبخه، ويئس من ردعه فسلمه إلى الحاشية ليرشدوه فتناوبوا الأمر ولم يفلحوا، فصدر أمر البطرك بسجنه في قنوبين - الكرسي البطريركي - وهناك مات سنة 1830.
أحفظت الأرقام جيدا؟ إني أراجع: أصدر الحبيشي منشوريه ضد البروتستان سنة 1826، ومات أسعد الشدياق في سبيلهم سنة 1830.
ووقف فارس الشدياق - أحمد - في جانب أخيه أسعد، ولكنه لم يسجن في قنوبين بل هرب إلى مصر ينادي بحق أخيه أسعد في الحرية، وينتصر له ويشكو إلى الدنيا ظلامته، ويخطئ في «فارياقه» مضطهدي أخيه، ونادى منذ قرن بما نكبر من يتفوه به اليوم: الدين لله والوطن للجميع.
وفي سنة 1837 جاء أحمد فارس الشدياق إلى لبنان سرا ومما قاله لجماعته: إن رأس الفقير ليس بأضيق ولا أصغر من رأس الأمير، وإن يكن أكبر عمامة منه وأغلظ قذالا، ارفعوا فرق المذاهب من بينكم فذلك أدعى لكم إلى الحظ والسرور، واعلموا - هداكم الله - أن فرق الآراء في الأديان لا يمنع من الألفة والمخالة.
2
هذا ما قاله في ذلك الزمن الأسود أحمد فارس أخو أسعد الذي نام في كهوف قنوبين نومة الأبد.
Página desconocida