Genocidio: La Tierra, la Raza y la Historia

Fahmi Sacid Shaykhu d. 1450 AH
71

Genocidio: La Tierra, la Raza y la Historia

جينوسايد: الأرض والعرق والتاريخ

Géneros

احمر وجهه خجلا، كان غريغور في المطبخ يعد الطعام ويتنصت إلى حديثهما، فقال بصوت مرتفع: أخشى أنها مثل حبيبها، لا تعرف سوى إشباع بطنها والرقود إلى النوم!

حمل بانوس غطاء قدر بجانبه وقذفه صوب غريغور: اسكت أيها الأبله، إنها أنظف من أمك التي تنام في حظيرة الأغنام.

وقع أرتين أرضا من شدة الضحك؛ فقد كانت أم غريغور مشهورة في القرية أنها تفضل النوم في الحظيرة على النوم في بيتها، وكانوا يقولون «إن لم تجدوا أم غريغور يوما في القرية بعد هجوم العصابات عليها فاعلموا أنها اختفت مع الخرفان المسروقة»، كانت تعتبر الخرفان أولادها ولعلها لم تهتم بغريغور قدر اهتمامها بهم. •••

قرب مقاطعة «أرتميد» كان أهالي القرية قد خصص لهم جزء من الأراضي في الجهة الجنوبية للقرية، وتم فيها بناء بيوت متقاربة من الطوب اللبن وإعطاؤهم أراضي أقل بكثير مما كانوا يمتلكون في «أنجرلك».

بالرغم من أنهم منذ قدومهم إلى هذه القرية لم يتعرضوا لأي هجوم ولم يحصل أية حادثة قتل للرعاة أو سرقة لمواشيهم، فإن أوضاعهم المادية كانت على المحك بالكاد، كانوا يجدون قوت يومهم وليس بإمكانهم مجاراة أهل القرية الحقيقيين في التجارة، ولم تعد المحاصيل التي تباع في سوق مدينة وان كالسابق؛ فعندما كانوا في «أنجرلك» كانت تخرج عدة عربات محملة بالمحاصيل المتنوعة والطازجة إلى وان، أما هنا فالقافلة تخرج بعربتين وأحيانا بعربة واحدة لكل محاصيل الأهالي، ولا تعود بذلك المردود الذي يسد حاجاتهم اليومية. كانت معادلة حياة أهل القرية تدور حول «إن حصلوا على الأمان جاعوا، وإن شبعوا فقدوا الأمان»، لم يحصلوا عليهما سويا يوما، ولربما هذه المعادلة التعيسة ليست لأهل القرية فقط، لربما هي معادلة الحياة في أصلها، يجب أن تفقد شيئا أساسيا في حياتك لكي تحصل على شيء أساسي آخر!

تحدث أرتين إلى والده المختار تلمكيان بأمر زواج بانوس من باتيل. - نعم يا بني ستكون خطوبتهما هنا، لكن الزواج سيكون في قريتنا «أنجرلك». - ماذا تقول! هل تريد العودة إليها بعدما استقر بكم الحال هنا؟! - لا، لست أنا من قرر هذا، لقد جاءتنا أوامر من الوالي الجديد «طاهر باشا»، وأعطانا ضمانات كبيرة بحماية قريتنا بعد عودتنا إليها؛ فقد جاء بإصلاحات كبيرة وأعاد العديد من الأرمن إلى قراهم وبيوتهم. - ومتى الرحيل إذن؟ - أخبرت رجال قريتنا بالتجهز للعودة، وسنقوم بعمل وليمة كبيرة لرجال هذه القرية ونشكرهم على استضافتهم لنا وتحملهم وجودنا في الفترة الماضية. •••

كانت الحشائش قد نبتت وتسلقت جدران البيوت، والأمطار الغزيرة قد أوقعت جزءا من أسقف بعضها، وأسوار الحظائر الخشبية قد تعرضت للتخريب. كان أرتين يراقب وجوه العائدين المملوءة فرحا لرؤيتها وشوقا إليها، والابتسامة تعلو شفاههم الخاوية، نظر نحو سفح الجبل، كانت شجرة الجوز ما زالت شامخة بأغصانها المتفرعة وتبدو حزينة لفراقهم لها.

استطاع الأهالي في فترة قصيرة إعادة الروح إلى قريتهم، ودبت الحياة فيها من جديد، من حسن الحظ كانوا في فصل الربيع؛ لذا لم يواجهوا صعوبات كبيرة في ترميم البيوت وتنظيف الحظائر وحرث الأراضي الزراعية، كان الجميع يعملون كالنمل في القرية؛ فحماس العودة وهدوء المنطقة نوعا ما كان دافعا كبيرا لهم.

في يوم عرس بانوس قاموا بتنصيب خيمة كبيرة أمام بيته، وبدأ الجميع بالاحتفال «الدبك والغناء وإلقاء الأشعار العاطفية»، أما الإكليل فكان يتم في بيت العريس حيث يحضر الكاهن ليعقد قرانهما ويبارك لهما، خرجت باتيل وحولها نساء القرية وهي ترتدي فستانا أحمر مزركشا وتضع على وجهها منديلا شفافا أحمر اللون، والخجل قد اعتلى وجهها وهن يطلقن الزغاريد ويغنين ويصفقن حولها، وأهل العريس يرشون الأرز تعبيرا عن الفرحة بها واستقبالا لها.

صعد أرتين وغريغور مع العريس «بانوس» إلى سطح بيتهم وأجلساه على كرسي خشبي، وكل منهما كان يحمل ديكا معلقا من قدميه بغصن شجرة في نهايته، والرجال في الأسفل يرقصون على أصوات الطبل والمزامير، وعندما وصلت العروس مع نساء القرية وهن يصفقن ويغنين، ألقى أرتين وغريغور الديكين فوق رأس القادمين، وهذه من التقاليد الأرمنية الموروثة، وكانت أم بانوس تحمل مغرفة بيد ورغيفا من خبز التنور السميك باليد الأخرى، وترقص وتتنقل بين الحاضرين، فتعثرت بحجر وسقطت أرضا، اعتلى المكان صوت ضحك، وتهامست النساء فيما بينهن «لم تصدق أنها ستزوج ابنها». - غريب أمر الأمهات يا بانوس، هذه التي سقطت أرضا من الفرح تراها بعد أيام تتشاجر مع زوجتك! - أمي ليست كذلك يا أرتين. - كل الأمهات هكذا، هنالك شعور لدى جميعهن أن الزوجة تسرق ابنها منها، وهي بنفسها كانت تلح عليه بالزواج، هذه الأحجية لم يستطع تفسيرها أعظم المفكرين. - دعكما من هذا الهراء، العروس قد وصلت، هيا يا بانوس انزل إليها لتكسر الجرة بوجودك.

Página desconocida