Genocidio: La Tierra, la Raza y la Historia
جينوسايد: الأرض والعرق والتاريخ
Géneros
أخذ نفسا عميقا ثم زفيرا بصوت مسموع وهو يخرج سجلا من تحت الأوراق المبعثرة على مكتبه: ما اسمها الكامل وعنوانها؟
ارتسمت الفرحة على وجه مايكل، ذكر له الاسم والعنوان بالتفصيل. - عرفت العنوان، إنه نفس المبنى الذي تسكن فيه عمتي لكن في الطابق الثالث. - الحقيقة نحن لم نتعرف على الجيران بسبب الوضع الخاص للحياة هنا، معذرة يا سيدي، لكن هناك نظرة احتقار من يهود وارسو الأصليين تجاهنا. - أعلم ذلك، لا تكمل، ليس ذنبكم الذي يحصل ولستم سعداء بهذا السكن أو بالأحرى بهذا الجحيم، لكن الكل هنا مغلوب على أمره تحملوهم، ماذا تفعلون؟ لا خيار أمامكم. - لم أقصد التحمل، بل قصدت لا نستطيع إقامة علاقة عائلية معهم؛ ولذلك قلت لك إنني لا أعرف عمتك. - لا تتعرف عليها، خذها نصيحة مني.
قالها متهكما، ابتسم مايكل بوجهه وهو يقول: أتمنى أن تزورنا إذا قدمت إليها. - أنا أزورها كل شهر مرة، إن حصلت لي فرصة سأزوركم. - أهلا بك سيدي، لكن معذرة كم سيأخذ من الوقت لحين نقلها إلى المشفى؟ - الحقيقة كان ضابطا رفيع المستوى من النازية قبل قليل هنا ... لا، لا شيء، غدا صباحا سأبعث من يأخذها من البيت فجهزوها، ولا يمكنكم مرافقتها هي فقط من ستخرج من الغيتو، حاولوا أن تودعوها جيدا، فهذا المرض خطير كما تعلم.
صافحه مايكل بحرارة وشكره كثيرا على تعاونه معه ثم خرج. عند عودته إلى البيت، رأى قرب الباب الرئيسي للغيتو قد تم جمع قرابة ثلاثمائة شاب من أحياء الغيتو، كانت الشرطة اليهودية من تنظم الطابور، والضابط النازي قرب الباب يتأكد من الأرقام والعدد المطلوب، قالوا إن هؤلاء يتم ترحيلهم ضمن برنامج إعادة التوطين، لكن لماذا الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين العشرين والأربعين فقط يتم ترحيلهم، أين زوجاتهم وأطفالهم وأهلوهم؟! هل التوطين للشباب فقط؟ لا بد أن هناك سرا وراء هذه التصرفات الغريبة.
لم يكن الخبر الذي حمله إلى أمه حول سارة مفرحا كما كان يتوقع، كيف تتركها وحيدة وهي مريضة وبأمس الحاجة إليها، هذا الذي لم يفكر به مايكل، قال في نفسه: «إن محبة الأم تزداد لأولادها كلما كانت حاجة أحدهم إليها أكثر.» وهكذا كان حالها جراء خبر أخذ سارة وحدها إلى المشفى دون أن ترافقها هي، فبقيت الليلة كلها تبكي على رأسها وتقرأ المزامير وتدعو الله أن يعيدها سالمة بأسرع وقت.
في الصباح جهزت الأم سارة وألبستها أجمل ما لديها من الثياب وبقيت تحضنها طول وقت الانتظار. - كفاك يا أمي، سينتقل المرض إليك، من لنا غيرك إذا وقعت طريحة الفراش؟ دعيها أرجوك ستعود قريبا سالمة وتحضنينها كما تشائين.
وبينما مايكل يقنعها بترك سارة طرق الباب، فتح ديفيد لهم، فدخل رجلان قد وضعا الكمامات على أفواههما إلى البيت، وضعاها على الحمالة وأنزلاها إلى العربة الخاصة لنقل المرضى، ثم انطلقت السيارة مسرعة نحو البوابة الرئيسية.
الفصل التاسع عشر
مدينة وان - تركيا 1897م
كيف يمكن أن ينتصر الضعف على القوة، والقلة على الكثرة؟ هل الإيمان بالقضية أم العزيمة والإصرار عليها؟ ثم من يقول إن أصحاب القوة والكثرة لا إيمان لهم ولا إصرار لديهم على قضيتهم؟! كل الأمم مؤمنة بقضيتها وترى أنها عادلة فيها وتدافع عن الحق من وجهة نظرها؛ إذ إن الحق حمال أوجه. يذكر في الموروث العربي أن رجلا تخاصم مع جاره فجاء شاكيا إلى جحا الأذى الذي ألحقه جاره به، بعد سماع شكواه قال له جحا: «الحق معك.» وما إن خرج الرجل حتى دخل خصمه على جحا فأخبره بالقصة من وجهة نظره، فقال له جحا: «الحق معك.» خرجت زوجة جحا إليه وقالت مستغربة: «كيف يكون الخصمان على حق؟!» فرد عليها جحا: «وأنت أيضا على حق.» على الرغم من الطرافة الموجودة في القصة فإن فيها مدلولا عميقا في مفهوم الحق؛ إذ نستطيع الجزم أن الأرض تكاد تخلو من أمة على باطل، الكل على الحق وإن ظلموا وإن قتلوا واستباحوا ما ليس لهم؛ فلديهم مبررات وتفسيرات منطقية أو دينية تخصهم لكل شيء.
Página desconocida