Genocidio: La Tierra, la Raza y la Historia
جينوسايد: الأرض والعرق والتاريخ
Géneros
سألها حسن: كيف أتكلم معها إن كان العجوز أرتين سيوصلها؟ - ومن قال لك ذلك؟ - من يوصلها إذن؟ هل ستأتي وحدها؟ - هي تأتي مع بنات حارة الأرمن يتجمعن هناك ثم يخرجن سويا، لا يوصلهن أحد، اطمئن. - وكيف لي أن أتكلم معها وهي بينهن؟ - سأناديها عند الباب فتأتي وحدها وأعرفكما على بعض.
كان قلب حسن يخفق طول الطريق غير مصدق كيف سيتكلم معها وكيف سيصمد أمام جمال عينيها ولا يضيع فيهما، كيف ستخرج الكلمات والأحرف من شفتيها الرقيقتين؟ .. لم ينم الليلة الماضية كلها وهو يفكر باللقاء الأول، أخبرته سكينة دون ذكر للتفاصيل وها هي تسير بثبات لتحقيق السعادة العارمة لأخيها، اختلجه شعور غريب تجاه ما تفعل من أجله فرمقها بأطراف عينيه وفكر في نفسه ماذا لو كانت هي من تحب أحد أصدقائي، هل كنت سأفعل ما تفعله من أجلي؟ وهل كانت تستطيع أن تخبر أحدا في البيت أنها تحب؟! لكن كيف تكونت هذه النظرة في مجتمعنا حتى اقتنعت الأنثى بذلك وباتت تقدم المساعدة وهي تعلم أننا لا نتقبل أن تحب لا أن تخبرنا من تحب وتطلب المساعدة من الأساس؟ ربما يبرر هذا تحت مسألة الخوف على سمعتها أو من كلام الناس عليها، جميعها مبررات غير مقنعة في أصلها، لكنها أصبحت مقنعة مع مرور الزمن وتتابع الأجيال.
عند باب المدرسة وقف حسن مع سكينة وأظهر الانشغال بحقيبته وكأنه يريد إعطاءها شيئا قبل المغادرة، كانت حركة لعدم لفت الانتباه وكسب الوقت لحين مجيء أنوشكا. - لقد تأخرت كثيرا. - اصبر ستأتي الآن، هذا وقت مجيئهن. - ألا ترين كيف يرمقني حارس المدرسة وقد قطب حاجبيه. - لا عليك منه، هذه نظراته الطبيعية.
ثم همست له: عقله ليس سليما.
أثناء الحديث عن الحارس، انتبهت سكينة إلى الزقاق المقابل لباب المدرسة ورأت الفتيات الأرمنيات تتوسطهن أنوشكا وهن يتكلمن قليلا ويضحكن كثيرا. - لقد وصلت.
التفت حسن فرآها بزي المدرسة الضيق وقد رسم انحناءات جسدها الناعم، وبرز قدها الممشوق، وبينما حسن يتأملها بكل تفاصيلها نادتها سكينة فأقبلت تمشي على استحياء .. سلمت عليها وسألت عنها، وحسن قربهما واقف كالصنم وقد تجمدت عروق الدم على جبينه. - هذا أخي حسن.
نظرت إليه ونظر إليها فاهتز عرش قلبه، وبدأ يرتجف من شدة وقع الموقف، رأى في عينيها السماء والبرق قد رسم في زرقتها بشكل دائري وكأنه ينبع من الحدقة وتتفرع منها إلى الأطراف، لم يكن هناك تشبيه دقيق لتلك العينين بمخيلة حسن سوى قوله تعالى:
إذا السماء انشقت ،
فكانت وردة كالدهان .
قطعت أنوشكا وصال عينيهما وأسدلت ستارها برجفة وقالت: أهلا حسن، أنا أنوشكا. - أهلا بك.
Página desconocida