Genocidio: La Tierra, la Raza y la Historia
جينوسايد: الأرض والعرق والتاريخ
Géneros
القدس - فلسطين 1947م
أخبرتك يومها أن كل إنسان خلق لتأدية رسالة ما في الحياة، وهذه الرسالة هو من يختارها بإرادته، لا تفرض عليه، يومها رأيت فيك مما بان لي ومما ظهر عليك، أنك لا تصلح للقتال، وأخبرتك أنه ليس بالضرورة أن نقاتل جميعا، لكن هذا لا يعني أننا مجبرون على ذلك؛ فالإنسان مخير، وليس مسيرا. - «هل سمعت بالمجبرة يا حسن؟» سأله الأستاذ محمود الخطيب.
هز حسن رأسه نافيا. - إذن دعني أخبرك عنهم قليلا، هذه الفرقة اعتقدت أن الإنسان مسير «مجبر على كل أفعاله»، وليس مخيرا فيها، يستدلون ببعض آيات القرآن، منها:
وما تشاءون إلا أن يشاء الله ، وكذلك:
قال أتعبدون ما تنحتون * والله خلقكم وما تعملون ، ثم يفسرونها أن أعمالنا من عند الله وبمشيئته، وما نحن إلا منفذون لتلك الأعمال دون أن يكون لنا رأي أو إرادة فيها! ومن غريب ما يذكر في هذا، أن هشام بن عبد الملك قبل توليه الحكم استمع إلى خطيب تكلم على بني أمية، في زمن خلافة عمر بن عبد العزيز، فتوعده بالعقاب فور استلامه السلطة، وحين تولى الحكم اعتقله وأمر ببتر ذراعيه وساقيه ، ثم قال له: «انظر إلى ما فعل بك ربك.» وهو يشير إلى أن ما فعله ليس بإرادته، بل هذا ما أراده الله، وهو نفذ به إرادة الله!
صدم حسن بما سمع، وبدا عليه الاقتناع بأن الذي نقوم به من خير وشر كله من الله! - لا يا بني، هذه نظرة ظاهرية للأمر، ولو كان الله خلق أعمالنا وأجبرنا عليها دون إرادتنا، فلماذا يعذبنا في النار على شيء لم نختره نحن ولم نفعله؟! هذا ظلم كبير لا يمكن أن يخرج من رب استهل كتابه الكريم بالرحمة، ثم إن الآية على هذا الفهم الجبري فيها تناقض كبير، كيف يتعجب منهم بقوله:
أتعبدون ما تنحتون ، ثم يقول:
والله خلقكم وما تعملون ، فإذا كان عملهم من خلقه فلم العجب إذن لعبادتهم لما ينحتون؟! - صحيح، استفسار في مكانه. - لأجل ذلك، هنا يأتي معنى
وما تعملون ؛ أي ما تصنعون بأيديكم لتعبدوه؛ أي الحجارة التي يصنعون منها الآلهة ليعبدوها، الله الذي خلقها كما خلقهم. فهم في الخلق سواء، فكيف يعبد المخلوق مخلوقا آخر شكله بيده ويترك عبادة الذي خلقهما!
دهش حسن للفهم العميق لمعنى الآية والتفصيل الدقيق للمسألة، ثم تذكر ما خرج من لسانه يوم فراقه لأنوشكا عند قبر هشام. - هل كان الله يعلم قبل أن أتعرف على هشام أنني سأفارقه يوما، وأنه سيموت، وأتعذب هكذا على فراقه؟
Página desconocida