مدخل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ قال: ١- لم اسمع أحدا نسبه الناس أونسب نفس إِلَى عِلْمٍ يُخَالِفُ فِي أَنْ فَرَضَ اللَّهُ ﷿ اتباع آمر رسول الله وَالتَّسْلِيمَ لِحُكْمِهِ بِأَنَّ اللَّهَ ﷿ لَمْ يَجْعَلْ لأَحَدٍ بَعْدَهُ إِلا اتِّبَاعَهُ وَأَنَّهُ لا يَلْزَمُ قَوْلٌ بِكُلِّ حَالٍ إِلا بِكِتَابِ اللَّهِ أو سنة رسوله وَأَنَّ مَا سِوَاهُمَا تَبَعٌ لَهُمَا وَأَنَّ فَرْضَ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى مَنْ بَعْدَنَا وَقَبْلَنَا فِي قبول الخبر عن رسول الله وَاحِدٌ لا يَخْتَلِفُ فِي أَنَّ الْفَرْضَ وَالْوَاجِبَ قَبُولِ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلا فِرْقَةٌ سَأَصِفُ قَوْلَهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ٢- قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ ثُمَّ تَفَرَّقَ أَهْلُ الْكَلامِ فِي تَثْبِيتِ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تَفَرُّقًا أَمَّا بَعْضُهُمْ فَقَدْ أَكْثَرَ مِنَ التَّقْلِيدِ وَالتَّخْفِيفِ مِنَ النَّظَرِ وَالْغَفْلَةِ وَالاسْتِعْجَالِ بِالرِّيَاسَةِ. ٣- وَسَأُمَثِّلُ لَكَ مِنْ قَوْلِ كُلِّ فِرْقَةٍ عَرَفْتُهَا مِثَالا يَدُلُّ عَلَى مَا وَرَاءَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تعالى.

1 / 3

بَابُ حِكَايَةِ قَوْلِ الطَّائِفَةِ الَّتِي رَدَّتِ الأَخْبَارَ كُلَّهَا قَالَ: الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: ٤- قَالَ: لِي قَائِلٌ يُنْسَبُ إِلَى الْعِلْمِ بِمَذْهَبِ أَصْحَابِهِ أَنْتَ عَرَبِيٌّ وَالْقُرْآنُ نَزَلَ بِلِسَانِ مَنْ أَنْتَ مِنْهُ وَأَنْتَ أَدْرَى بِحِفْظِهِ وَفِيهِ للَّهِ فَرَائِضُ أَنْزَلَهَا لَوْ شَكَّ شَاكٌّ قَدْ تَلَبَّسَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ بِحَرْفٍ مِنْهَا اسْتَتَبْتَهُ فَإِنْ تَابَ وَإِلا قَتَلْتَهُ وَقَدْ قَالَ: اللَّهُ ﷿ فِي القرآن ﴿تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ فَكَيْفَ جَازَ عِنْدَ نَفْسِكَ أَوْ لأَحَدٍ فِي شَيْءٍ فَرَضَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ مَرَّةً الْفَرْضُ فِيهِ عَامٌّ وَمَرَّةً الْفَرْضُ فِيهِ خَاصٌّ وَمَرَّةً الأَمْرُ فِيهِ فَرْضٌ وَمَرَّةً الأَمْرُ فِيهِ دِلالَةٌ وَإِنْ شَاءَ ذُو إِبَاحَةٍ؟. ٥- وَأَكْثَرُ مَا فَرَّقْتَ بَيَنْهُ مِنْ هَذَا عِنْدَكَ حَدِيثٌ تَرْوِيهِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ آخَرَ عَنْ آخَرَ أَوْ حَدِيثَانِ أَوْ ثَلاثَةٌ حَتَّى تَبْلُغَ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَقَدْ وَجَدْتُكَ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَكَ لا تُبَرِّئُونَ أَحَدًا لَقِيتُمُوهُ وَقَدَّمْتُمُوهُ فِي الصِّدْقِ وَالْحِفْظِ وَلا أَحَدًا لَقِيتُ مِمَّنْ لَقِيتُمْ مِنْ أَنْ يَغْلَطَ وَيَنْسَى وَيُخْطِئَ فِي حَدِيثِهِ بَلْ وَجَدْتُكُمْ تَقُولُونَ لِغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَخْطَأَ فُلانٌ فِي حَدِيثِ كَذَا وَفُلانٌ فِي حَدِيثِ كَذَا وَوَجَدْتُكُمْ تَقُولُونَ لَوْ قَالَ: رَجُلٌ لِحَدِيثٍ أَحْلَلْتُمْ بِهِ وَحَرَّمْتُمْ مِنْ عِلْمِ الْخَاصَّةِ لَمْ يَقُلْ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِنَّمَا أَخْطَأْتُمْ أَوْ مَنْ حَدَّثَكُمْ وَكَذَبْتُمْ أَوْ مَنْ حَدَّثَكُمْ لَمْ تَسْتَتِيبُوهُ وَلَمْ تَزِيدُوا عَلَى أَنْ تَقُولُوا لَهُ بِئْسَ مَا قُلْتَ:. ٦- أَفَيَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَظَاهِرُهُ وَاحِدٌ عِنْدَ مَنْ سَمِعَهُ يُخْبِرُ مَنْ هُوَ كَمَا وَصَفْتُمْ فِيهِ؟ وَتُقِيمُونَ أَخْبَارَهُمْ مَقَامَ كِتَابِ اللَّهِ وَإِنَّكُمْ تُعْطُونَ بِهَا وتمنعون بها؟.

1 / 4

٧- قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّمَا نُعْطِي مِنْ وَجْهِ الإِحَاطَةِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْخَبَرِ الصَّادِقِ وَجِهَةِ الْقِيَاسِ. وَأَسْبَابُهَا عِنْدَنَا مُخْتَلِفَةٌ وَإِنْ أَعْطَيْنَا بِهَا كُلِّهَا فَبَعْضُهَا أَثْبَتُ مِنْ بَعْضٍ. ٨- قَالَ: وَمِثْلُ مَاذَا؟. ٩- قُلْتُ: إِعْطَائِي مِنَ الرَّجُلِ بِإِقْرَارِهِ وَبِالْبَيِّنَةِ وَإِبَائِهِ الْيَمِينِ وَحَلِفِ صَاحِبِهِ وَالإِقْرَارُ أَقْوَى مِنَ الْبَيِّنَةِ وَالْبَيِّنَةُ أَقْوَى مِنْ إِبَاءِ الْيَمِينِ وَيَمِينِ صَاحِبِهِ وَنَحْنُ وَإِنْ أَعْطَيْنَا بِهَا عَطَاءً وَاحِدًا فَأَسْبَابُهَا مُخْتَلِفَةٌ. ١٠- قَالَ: وَإِذَا قُمْتُمْ عَلَى أَنْ تَقْبَلُوا أَخْبَارَهُمْ وَفِيهِمْ مَا ذَكَرْتُ مِنْ أَمْرِكُمْ بِقَبُولِ أَخْبَارِهِمْ وَمَا حُجَّتُكُمْ فِيهِ عَلَى مَنْ رَدَّهَا؟. ١١- فَقَالَ: لا أَقْبَلُ مِنْهَا شَيْئًا إِذَا كَانَ يُمْكِنُ فِيهِ الْوَهْمُ وَلا أَقْبَلُ إِلا مَا أَشْهَدُ بِهِ عَلَى اللَّهِ كَمَا أَشْهَدُ بِكِتَابِهِ الَّذِي لا يَسَعُ أَحَدًا الشَّكُّ فِي حَرْفٍ مِنْهُ أَوْ يَجُوزُ أَنْ يَقُومَ شَيْءٌ مَقَامَ الإِحَاطَةِ وَلَيْسَ بِهَا؟. ١٢- فَقُلْتُ: لَهُ مَنْ عَلِمَ اللِّسَانَ الَّذِي بِهِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْكَامُ اللَّهِ دَلَّهُ عِلْمُهُ بِهِمَا عَلَى قَبُولِ أَخْبَارِ الصَّادِقِينَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالْفَرْقِ بَيْنَ مَا دَلَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُ مِنْ أَحْكَامِ اللَّهِ وَعَلِمَ بِذَلِكَ مَكَانَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِذْ كُنْتَ لَمْ تُشَاهِدْهُ خَبَرَ الْخَاصَّةِ وَخَبَرَ الْعَامَّةِ. ١٣- قَالَ: نَعَمْ. ١٤- قُلْتُ: فَقَدْ رَدَدْتَهَا إِذْ كُنْتَ تَدِينُ بِمَا تَقُولُ!. ١٥- قال: أَفَتُوجِدُنِي مِثْلَ هَذَا مِمَّا تَقُومُ بِذَلِكَ الْحُجَّةُ فِي قَبُولِ الْخَبَرِ فَإِنْ أَوْجَدْتَهُ كَانَ أَزْيَدَ فِي إِيضَاحِ حُجَّتِكَ، وَأَثْبَتَ لِلْحُجَّةِ عَلَى مَنْ خَالَفَكَ وَأَطْيَبَ لِنَفْسِ مَنْ رَجَعَ مِنْ قَوْلِهِ لِقَوْلِكَ. ١٦- فَقُلْتُ: إِنْ سَلَكْتَ سَبِيلَ النَّصَفَةِ، كان في بعض ما قلت: دليل

1 / 5

على أنك مقيم من قولك على ما يجب عليك الانتقال: عنه وأنت تعلم أن قد طالت غفلتك فيه عما لا ينبغي أن تغفل من أمر دينك. ١٧- قال: فاذكر شيئا إن حضرك؟. ١٨- قلت: قال: الله ﷿: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [الجمعة: ٢] ١٩- قال: فقد علمنا أن الكتاب كتاب الله فما الحكمة؟. ٢٠- قلت: سنة رسول الله ﷺ. ٢١- قال: أفيحتمل أن يكون يعلمهم الكتاب جملة والحكمة خاصة وهي أحكامه ٢٢- قلت: تعني بأن يبين لهم عن الله عز وعلا مثل ما بين لهم في جملة الفرائض من الصلاة والزكاة والحج وغيرها فيكون الله قد أحكم فرائض من فرائضه بكتابه وبين كيف هي لسان نبيه ﷺ. ٢٣– قال: إنه ليحتمل ذلك. ٢٤- قلت: فإن ذهبت هذا المذهب فهي في معنى الأول قبله الذي لا تصل إليه إلا بخبر عن رسول الله ﷺ. ٢٥- قال: فإن ذهبت مذهب تكرير الكلام؟. ٢٦- قلت: وأيهم أولى به إذا ذكر الكتاب والحكمة أن يكونا شيئين أو شيئا واحدا. ٢٨- قلت: فأظهرهما أولاهما في القرآن دلالة على ما قلنا وخلاف

1 / 6

ما ذهبت إليه. ٢٩ - قال: وأين هي؟. ٣٠ - قلت: قال: الله ﷿: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا﴾ [الأحزاب: ٣٤] . فأخبر أنه يتلى في بيوتهن شيئان. ٣١ - قال: فهذا القرآن يتلى فكيف تتلى الحكمة؟. ٣٢ - قلت: إنما معنى التلاوة أن ينطق بالقرآن والسنة كما ينطق بها. ٣٣ - قال: فهذه أبين في أن الحكمة غير القرآن من الأولى. ٣٤ - وقلت: افترض الله علينا إتباع نبيه ﷺ. ٣٥ - قال: وأين؟. ٣٦ - قلت: قال: الله ﷿: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥] . ٣٧ - وقال: ﷿: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء: من الآية٨٠] ٣٨ – وقال: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: من الآية٦٣] . ٣٩ - قال: ما من شيء أولى بنا أن نقوله في الحكمة من أنها سنة رسول الله ﷺ ولو كان بعض ما قال: أصحابنا أن الله أمر بالتسليم لحكم رسول الله ﷺ وحكمته إنما هو مما أنزله لكان من لم يسلم له أن ينسب إلى التسليم لحكم رسول الله ﷺ. ٤٠ - قلت: لقد فرض الله ﷿ علينا اتباع أمره فقال: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: ٧] .

1 / 7