فلم تفطن شفيقة لنكتة أدما، وقالت في دهشة: «كيف يكون هذا؟ أيمرض أحد لعلمه بمرض آخر؟ أم أنت تقصدين انتقال العدوى؟»
فابتسمت أدما وقالت: «ألا تعلمين أنهما خطيبان، وبينهما محبة متبادلة؟»
فقالت: «أعلم هذا، ولكن مرضهما لم يكن بسبب العدوى لأنهما لم يتقابلا منذ رحلة الأهرام.» ثم غيرت مجرى الحديث فجأة وقالت لأدما: «ما بالك لا تسألين عن حبيب وعدم مجيئه معنا؟»
فبغتت أدما، وخفق قلبها واحمر وجهها، ثم تجلدت إذ فطنت إلى أن شفيقة خالية الذهن لا تعلم شيئا عن علاقتها بشقيقها، وردت عليها بقولها: «لم أسأل عنه لأنه لا بد أن يكون مشغولا بما لديه من أعمال.»
وكانت والدتاهما تسمعان تحاورهما ولا تفقهان أكثره لانهماكهما في حديث آخر. فاقتربت شفيقة من أدما وهمست في أذنها قائلة وهي تبتسم: «إنه اليوم خال من العمل وقد تركناه في المنزل وحده.»
فلم تفهم أدما من هذه العبارة إلا إصرار حبيب على هجرها والاستهانة بها، وعاودها حنقها عليه فقالت وهي تجاهد لإخفاء شعورها: «وهل من الضروري أن يتوجه معكما حيث تتوجهان؟»
فقالت شفيقة: «كلا، ولكنه لم يتخلف عن المجيء معنا إلا لأمر مهم!»
فأجفلت أدما، ولم تعد تستطيع كتمان ما بها، فأشاحت بوجهها وقالت: «هو حر على كل حال، وليس هناك ما يقتضي الاعتذار من تخلفه.»
فضحكت شفيقة وقالت: «الواقع أنه لم يتخلف إلا بسبب ما جئنا لزيارتكم اليوم خصيصى لأجله.» ثم عادت إلى الضحك.
فازدادت أدما حيرة وارتباكا، ثم قالت متضجرة: «ما لك تتكلمين بالألغاز يا عزيزتي، وما الذي يضحكك هكذا على غير عادتك؟»
Página desconocida