فقال وقد علا وجهه الاحمرار: «إن في قلبي مثل ما في قلبك، والذي أريده هو الذي تأمرينني بإجرائه.»
قالت: «وما هو ذلك؟ ألعلك اعتزمت أن تتزوج كي تحقق لي أمنيتي!»
قال: «وأكثر من ذلك أيضا.»
قالت: «ألعلك أحببت أدما التي أحببناها نحن!»
فأبرقت عيناه وخفق قلبه عند ذكرها وقال: «نعم يا أماه إني أحبها، ولا سيما حين تحققت أنكما تحبانها.»
فابتهجت وغلب عليها السرور حتى دمعت عيناها، وهمت إلى ولدها تقبله وقالت : «هذا هو مبعث سعادتي يا ولدي، وهذه هي الساعة التي قضيت عمري في انتظارها، فأشكر الله على ما وفقنا له ودبره بحكمته الأزلية.»
فقال حبيب: «ولكن هل المسألة موقوفة على رضانا نحن وحدنا؟ من يدري، لعل الفتاة لا توافقنا على ذلك!»
قالت: «إنني واثقة من رضائها، لأنها على ما يظهر لي تحب مبادئك وتميل إلى من كان مثلك، ولا أظنها تطمع في أحسن منك، وهي ليست من الثروة على أكثر مما أنت فيه.»
فعاد حبيب إلى تعقله وفكر في أمر مستقبله، وتذكر أنه كان منذ حين يخشى استغناء الحكومة عن خدمته، فقال لوالدته: «هبي أنها وافقت، أفلا ترين أن زواجها بموظف مثلي معرض للفصل كل يوم، مما يعرضها للخطر؟»
قالت: «إن الله هو الرزاق يا ولدي، وهو يرزق الموظفين وغيرهم. ثم إنك الآن لست في حاجة إلى أكثر من إعلان الخطبة، وإلى أن يحين موعد الاقتران يفعل الله ما يشاء.»
Página desconocida