كل الألفاظ في الدين مبهمة، ومن يتشدق باسم بوذا، أو الله، أو المسيح، يجب أن يتطهر أولا.
إن المانوي المنعزل، الذي أظن أنني هو، يحكم على نفسه بخيبة الأمل التي تتكرر إلى ما لا نهاية، وبالصراعات التي تتكرر إلى ما لا نهاية مع غيره من المانويين الطموحين الخائبين؛ وذلك لأن أمله في ألا يخلد سوى «نعم» في كل أمرين متعارضين لا يمكن - بحكم طبيعة الأشياء - أن يتحقق.
صراعات وإحباطات؛ ذلك هو موضوع التاريخ كله، بل وتقريبا موضوع تاريخ الأحياء كلها. قال بوذا كلمة واقعية وهي: إني أريكم الأحزان. ولكنه كذلك أرانا نهاية الأحزان: معرفة الذات، والقبول التام، وتجربة اللامثنوية المباركة.
2
ثانيا
إذا عرفنا من نحن في الحقيقة أدى بنا ذلك إلى الحياة الطيبة، والحياة الطيبة تؤدي إلى أصح أنواع العمل الطيب. ولكن العمل الطيب لا يؤدي في حد ذاته إلى الحياة الطيبة؛ فقد يكون المرء فاعلا للخير دون أن يعرف من هو في الحقيقة. والأحياء الذين يتصفون بفعل الخير ليسوا أناسا طيبين، وما هم إلا أعمدة المجتمع.
وأكثر الأعمدة كأعمدة شمشون؛ فهي قائمة ولكنها إن عاجلا أو آجلا تنهار. ولم يظهر مجتمع كان أكثر العمل الطيب فيه نتيجة للحياة الطيبة ولذلك كان صحيحا دائما. وليس معنى ذلك أنه لن يقوم مثل هذا المجتمع أو أننا في بالا مجانين لأننا نحاول أن نوجد هذا المجتمع.
ثالثا
الرواقي ومن يمارس اليوجا شخصان صالحان ينتهيان إلى نتائجهما الطيبة بدعواهما باطراد أنهما شخصان آخران. ولكنك لست بدعواك أنك شخص آخر - حتى إن كان هذا الشخص غاية في العمل الطيب والحكمة - بمستطيع أن تخرج من عزلتك المانوية إلى كونك إنسانا طيبا.
الحياة الطيبة هي أن تعرف من أنت في الحقيقة، ولكي تعرف من أنت في الحقيقة يجب أن تعرف أولا لحظة بلحظة من أنت فيما تظن، وما تدفعنا هذه العادة السيئة من التفكير إليه من إحساس وعمل. إن لحظة واحدة من المعرفة الصافية الكاملة لمن أنت فيما تظن - ولكنك لست به في الواقع - توقف لعبة الألفاظ المانوية لحظة من الزمن، فإذا أنت كررت لحظات الإدراك بمن لست به، حتى تصبح هذه اللحظات زمنا متصلا وجدت نفسك بغتة عالما من أنت في الحقيقة.
Página desconocida