El ejército egipcio en la guerra rusa conocida como la Guerra de Crimea
الجيش المصري في الحرب الروسية المعروفة بحرب القرم
Géneros
فلما رأى عثمان باشا ذلك خاطب رجال أسطوله بالإشارات وأمرهم أن يقاتلوا ببسالة إلى النهاية دفاعا عن وطنهم، وعند الظهر ابتدأت موقعة استقتل فيها الأتراك فقد قاومت الفرقاطات التركية أكثر من ساعة ونصف، هذه القوة الهائلة غير هيابة ولا وجلة رغم ما بين القوتين من التفاوت المهلك وعدم التكافؤ، وكانت أولى الخسائر الفرقاطة (نافيك)
2
إذ أبصر ربانها علي بك أنه مهدد بإغارة بارجة شامخة ذات ثلاث طبقات، وأنه فقد كل أمل في أن ينتج استمرار المقاومة أي خير.
ولم يشأ أن ينهزم شر هزيمة فحمل هو نفسه على فرقاطته ونسفها وذهب ضحية الإخلاص للواجب والوفاء للوطن.
وفي نهاية الزمن المذكور كانت الكارثة قد عمت القوة التركية فدمرت عن آخرها، وكان هذا الحادث مشهدا من أفجع المناظر وأوجعها؛ فقد أحرقت قذائف العدو المشتعلة بعض البوارج التركية وبوارج أخرى آثرت أن تنسف نفسها بنفسها على أن تسلم لعدوها، وما بقي من السفن تهدمت جوانبها واختلف وضعها بالمعنى الحقيقي لا على سبيل المجاز لهول ما نزل بها من ضربات القنابل الروسية الثقيلة ثقلا عظيما، وهذه البوارج تحطمت سلاسلها فتقاذفتها الأمواج ما عدا اثنتين منها، وقذفت بها إلى الشاطئ، وتسلق البحارة الروس صواريها وهتفوا تمجيدا للانتصار الدموي الذي أحرزوه.
ولما انتهوا من ذلك عادوا بلا إبطاء يرمون بقنابلهم هذه البوارج المتحطمة التي لا حول لها ولا قوة إلا شدة بأس رجالها وثبات عزمهم؛ إذ لم تنقطع عن إطلاق نيرانها الضعيفة بشجاعة فريدة وجلد ليس له نظير، ولم يكف الروس عن ضربها حتى تم تدميرها وقتل من بها.
واستولى الروس بعد ذلك على البارجتين اللتين لم تلحقا بأخواتها إلى الشاطئ، ولكنهم فضلوا الاستغناء عنهما لما رأوا ما هما عليه من التهدم فدمروهما في اليوم التالي، أما (الطائف) إحدى الباخرتين التركيتين فقد وفقت إلى الفرار بعد ابتداء المعركة بقليل، وهي الوحيدة التي نجت فقد تملصت من سلاسلها، وخرقت لها بشيء من المجازفة طريقا بين القوة المتجولة خارج الخليج، وكانت أول من أبلغ خبر هذه الحادثة المشئومة إلى الآستانة.
وقد كان عدد البحارة الأتراك 4490 قبل ابتداء المعركة فقتلوا، ولم ينج إلا الجرحى و120 أسيرا، وهم من بحارة البارجتين التركيتين اللتين لم ير الروس أية منفعة في بقائهما فأتلفوهما، وقد نقل الأسرى إلى سباستبول وبينهم عثمان باشا الذي جرح أثناء المعركة، أما حسين باشا وكيله فبينما كان يحاول النجاة من البارجة المحترقة أصابت رأسه قنبلة من الرش فأماتته.
ولا تعلم خسائر الروس بالضبط؛ لأنهم انسحبوا بعد انتهاء المعركة مباشرة، وإنما لحق صواري أربع من بوارجهم العطب فتعطلت وخرجت من الخليج تجرها البواخر، أما ما قدمته بطاريات البر من المعونة فلم يكن ذا قيمة ولم يعد بأية نتيجة على الأتراك؛ ذلك لأن مدافعها كانت خفيفة من جهة ومن جهة أخرى فإن البوارج التركية اعترضت طريق نيران هذه البطاريات.
أما مدينة سينوب فقد أصبحت أثرا بعد عين؛ إذ دمرت بأجمعها وغطي شاطئها بجثث الموتى، وبين الأحياء عدة أشخاص تبينوا طريقهم في الماء ورأوا منفذا إلى المدينة بالسباحة وكانوا موفقين.
Página desconocida