وأمَّا الوليد بن عقبة، فكان يكنى " أبا وهب ". ولا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن أنَّ قوله ﷿ إنْ جاءكُم فاسقٌ بنبإ ... (نزلت في الوليد بن عقبة. وذلك أنه بعثه رسول الله ﷺ مصدَّقا إلى بني المصطلق، فأخبر عنه إنَّهم ارتدُّوا، وأبوا من أداء الصَّدقة، وذلك انهم خرجوا إليه فهابهم، ولم يعرف ما عندهم. فانصرف عنهم، وأخبر النبيَّ ﵇ أنهم منعوه الصدقة. فبعث إليهم رسول الله ﷺ خالد بن الوليد، وأمره أنْ يتثبَّت فيهم. فأخبروه أنهم متمسِّكون بالإسلام. ونزلت:) يا أيُّها الذينَ آمنوا إن جاءكُم فاسقٌ بنبإ فتثبَّتوا (على قراءة حمزة والكسائيَّ.
وذكر يحيى بن معين عن إسحاق الأزرق، عن سفيان، عن هلال الورَّاق، عن ابن أبي ليلى في قوله تعالى) إن جاءكم فاسقٌ بنبإ (قال: نزلت في الوليد ابن أبي معيط.
ووقع بينه وبين عليِّ بن أبي طالب ﵁ كلام فقال الوليد: " لأنا أرزُّ للكتيبة، وأضرب لهامة البطل المشيح منك ". فأنزل الله تعالى:) أَفمن كانَ مؤمنًا كمن كانَ فاسقًا (.
وولاه عثمان الكوفة، وعزل منها سعد بن أبي وقّاص. فلما قدم الوليد على سعد قال له سعد: " ما أدري أكست بعدنا أم حمقنا بعدك؟ ".
فقال: " لا تجزعنَّ أبا إسحاق، فإنما الملك تغدَّاه قوم. ويتعشَّاه آخرون ". فقال سعد: " أراكم والله ستجعلونها ملكا ".
وله أخبار فيها نكارة شناعة، تقطع على سوء حاله وقبح أفعاله غفر الله لنا وله. فلقد كان من رجال قريش طرفا وحلما وشجاعة وأدبا. وكان من الشعراء الطبوعين. وكان الأصمعيُّ وأبو عبيدة وابن الكلبيِّ وغيرهم يقولون: كان الوليد
1 / 44