222

Jawhar Shaffaf

الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف

Géneros

Fiqh chií

قال رضي الله عنه: ولم يكن القرآن كله محكما لأنه لو كان كله محكما لتعلق الناس به لسهولة مأخذه، ولأعرضوا عما يحتاجون فيه، من الفحص والتأمل، من النظر والاستدلال، ولو فعلوا ذلك لعطلوا الطريق الذي لا يتوصل إلى معرفة الله، وتوحيده إلا به، ولما في المتشابه من الابتلاء والتمييز بين الثابت على الحق والمتزلزل فيه، ولما في تقادح العلماء وأتباعهم القرائح في استخراج معانيه، ورد به إلى المحكم من الفوائد الجليلة، والعلوم الجمة ونيل الدرجات عند الله ولأن المؤمن المعتقد أن لا منافقة في كلام الله ولا اختلاف إذا رأى فيه ما تناقضوا في ظاهره وأهمه طلب ما يوثقوا منه، ويجزي به على سنن الواحد، ففكر وراجع نفسه وغيره ففتح الله عليه وبين مطابقة المتشابه المحكم ازداد طمأنينة إلى معتقده وقوة في إيقانه، {فأما الذين في قلوبهم زيغ} هم أهل الزيغ {يتبعون ما تشابه منه} أي : فيتعقلون بالمتشابه الذي يحتمل ما يذهب إليه المبتدع، مما لا يطاق المحكم، ويحمل ما يطابقه من قول أهل الحق {ابتغاء الفتنة} أي: طلب أن يفتنوا الناس عن دينهم، ويظلونهم {وابتغاء تأويله} أي: وطلب أن يؤولوه التأويل الذي يشتهونه، {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم} أي: لا يهتدي إلى تأويله الحق الذي يجب أن يحمل عليه إلا الله وعباده الذين رسخوا في العلم أي: ثبتوا فيه وتمكنوا وعضوا فيه بضرس قاطع، ومنهم من يقف على قوله إلا الله ويبتدي والراسخون في العلم {يقولون} ويفسرون المتشابه بما استأثر الله بعلمه ومعرفة الحكمة فيه من آياته، والأول هو الوجه وقوله يقولون كلام مستأنف موضح الحال الراسخون بمعنى هؤلاء العالمون بالتأويل {يقولون آمنا به} أي بالمتشابه {كل من عند ربنا} أي: كل واحد منه ومن المحكم من عنده أو بالكتاب كل من المتشابه ومحكمه من عند الله الذي لا يتناقض كلامه ولا يختلف كتابه {وما يتذكر إلا أولو الألباب} هذا مدح للراسخين بلقاء الذهن وحسن التأمل {ربنا لا تزغ قلوبنا} أي: لا تبلنا ببلايا تزيغ فيها قلوبنا بعد هدايتنا أرشدتنا لديك أو لا معنى لطافتك وبعد إذ لطفت بنا {وهب لنا من لدنك رحمة} أي: من عندك نعمة للتوفيق والمعرفة، {إنك أنت الوهاب} كثير المواهب لعباده.

ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد(9)إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار(10)كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب(11)

{ربنا إنك جامع الناس ليوم} أي: يجمعهم لحساب يوم أو الجزاء يوم {لا ريب فيه} لا شك في حصوله، {إن الله لا يخلف الميعاد} معناه أن لا إلهية تنافي خلف الميعاد كقوله، إن الجواد لا يخيب سائله والميعاد الوعد، {إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم} المراد من كفر برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وعن ابن عباس: هم قريضة والنظير والمعنى لن تغني من رحمة الله أو من طاعة الله شيئا أي بدل رحمته وطاعته وبدل الحق، {وأولئك هم وقود النار} يعني: حطبها، {كدأب آل فرعون} يقال دأب في العمل، ذا جهد فيه، فوضع موضع ما عليه الإنسان من حاله وشأنه وعادته ومعناه أن عادة هؤلاء الكفار الذين كفروا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم كعادة آل فرعون وحالهم في الكفر بموسى ومنه قولهم إنك لا تظلم الناس كدأب أبيك أي: كظلم أبيك، ومثل ما كان يظلمهم وإن فلان المحارف والمحارف الذي نحرف عن الرزق كدأب أبيه، {والذين من قبلهم} هم قوم نوح وهود وصالح، {كذبوا بآياتنا} تفسير لدأبئهم ما فعلوا وفعل بهم كأنه قيل: ما دأبهم فقيل {كذبوا فأخذهم الله بذنوبهم} أي عاقبهم بسبب ذنوبهم {والله شديد [138{العقاب} للكفار المكذبين.

Página 263