الباب الثالث : من الأبواب الثمانية في بيان السنن التي للصلاة وتقدم تعريف السنة لغة وشرعا وهي أي السنن سبعة وعشرون سنة العام منها لجميع الصلوات والمصلين سبعة عشر سنة الأولى رفع اليدين ماسا بإبهاميه شحمتي أذنيه تحقيقا للمحاذاة بهذا المس أو تحريكا لخلقة العبودية ولولم يقدر إلا على الرفع دون المس أو رفع يد دون الأخرى فعل والحرة ترفع حذاء المنكبين والأمة كالرجل في تكبيرة التحريمة بأن يرفع يديه فإذا استقرتا في المحاذات كبر والثانية رفع اليدين أيضا كذلك في تكبيرة القنوت الذي في صلاة الوتر والثالثة رفع اليدين أيضا كذلك في تكبيرات صلاة العيدين الزوائد في كل ركعة والرابعة نشر أي فتح ضد طي لا تفريق الأصابع في اليدين والمراد أن لا يكون قابضا أصابعه ثم* بفتح الثاء المثلثة أي هناك يعني في حالة رفع اليدين في المواضع الثلاثة المذكورة والسنة أن يجعل باطن كفيه إلى جهة القبلة أو باطن كل كف إلى باطن الكف الآخر والخامسة قراءة الثناء بعد التحريمة وهو سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ولا يزيد عليه في الفرض لعدم الورود ولو زاد في النفل وجل ثناؤك وتقدست أسماؤك جاز ونقل والدي رحمه الله أنه لو قال وتعالى جدك بحذف الألف فسدت صلاته لفساد المعنى ويؤخر هذا الثناء عن تكبيرات العيدين والسادسة وضع اليد اليمنى والمراد كفها وأصابعها على اليد الشمال تحت السرة للرجل والمرأة على صدرها وكذلك هذا الوضع فيمن صلى جالسا كما ذكره الوالد رحمه الله وكذلك ينبغي أن يقال في حق من يصلي بالإيماء مستلقيا أو على أحد جنبيه إن قدر من غير مشقة عليه وفي فتح القدير ثم قيل كيفيته أن يضع الكف على الكف وقيل على المفصل وعن أبي يوسف يقبض باليمنى رسغ اليسرى وقال محمد يضعهما كذلك ويكون الرسغ وسط الكف وقيل يأخذ الرسغ والخنصر يعني ويضع الباقي فيكون جمعا بين الأخذ والوضع وهو المختار انتهى وتعقب هذا الجمع بعض المتأخرين بأنه تفوت به رواية الأخذ والوضع معا لأن الوارد وضع الكل أو الأخذ بالكل فتأمل ولا يضع يديه بين تكبيرات العيدين ولا بعد القومة من الركوع والسابعة تكبيرات الانتقالات من القيام إلى الركوع ومنه إلى السجود وللرفع منه وللعود إليه ومنه إلى القيام ويستحب جهر الإمام بذلك دون المقتدي إلا لإبلاغ انتقالات الإمام فيجهر المقتدي ولا يقصد أن يخاطب بذلك المقتدين بل يقصد إعلامهم حتى لو قصد الخطاب فسدت صلاته لعموم ما قال في التنوير وغيره في مفسدات الصلاة وكذا كل ما قصد به الجواب أو الخطاب انتهى ومعنى التكبير في ذلك أن الله أعظم من أن يؤدى حقه بهذا القدر من العبادة حتى تكبيرة القنوت في صلاة الوتر فإن فيها الانتقال من القراءة إلى الدعاء فهي داخلة في تكبيرات الانتقالات وقيل أنها واجبة كما حققته في شرح هدية ابن العماد والثامنة تسبيح المصلي في الركوع ثلاثا بأن يقول سبحان ربي العظيم والثلاث أدناه والزيادة أفضل بعد أن يختم على وتر ولا يزيد الإمام على وجه يمل القوم ولو قال سبحان ربي العظيم بالضاد المعجمة أو بالذال قيل تفسد صلاته وقيل إن كان يجهد نفسه بالليل والنهار ولا يقدر على التصحيح فصلاته جائزة وإلا فلا وإن ترك جهده فصلاته فاسدة وفي بعض الروايات من لم يعرف ذلك يقول سبحان ربي الكريم والتاسعة أخذ المصلي ركبتيه بيديه في الركوع بحيث ينصب ساقيه ولا يثنيهما إلى خلف فيكون شبه القوس فإنه يكره والعاشر تفريج أي تفريق الأصابع من اليدين فيه أي في ذلك الأخذ المذكور وقيل أن ذلك مخصوص بالرجال دون النساء والحادي عشر القومة من الركوع حتى لو لم يقم منه وهو للسجود صح وكره والثانية عشر الجلسة بين السجدتين بأن يجلس على رجله اليسرى وينصب اليمنى ويضع يديه على فخذيه وفي التنوير إن رفع الرأس من الركوع سنة وكذا رفع الرأس من السجود وأنه يكفي فيه أدنى ما يطلق عليه اسم الرفع وقال والدي رحمه الله تعالى حتى لو تحقق الانتقال من السجدة إلى السجدة الثانية بلا رفع الرأس بأن سجد على وسادة فنزعت من تحت رأسه وسجد على الأرض يجوز كذلك في الإيضاح ونحوه في الكافي وغيره والثالثة عشر السجدة في الصلاة كل مرة من المرتين على سبعة أعضاء وهي القدمان والركبتان والكفان والوجه والرابعة عشر تسبيح المصلي في السجود ثلاثا أي ثلاث مرات بأن يقول سبحان ربي الأعلى والأفضل الزيادة وترا لغير الإمام والحكمة في قوله ذلك في السجود لأنه ورد في الحديث أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فإذا قال سبحان ربي الأعلى يعني المتعالي عن كل معقول وموهوم انحفظ فكره من سبق التشبيه إليه والخامسة عشر الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد قراءة* التشهد على رأس الثانية في الفجر والجمعة والعيدين وكل ثنائية واجبة أو مسنونة أو نافلة والثالثة في المغرب والوتر والرابعة في الظهر والعصر والعشاء وقبلية الظهر المسنونة والجمعة وبعديتها وعلى رأس كل ركعتين مما عدا ذلك من النوافل والرباعية قبل السلام بيان لكون ذلك في القعود الأخير لا القعود الأول إلا في النوافل كما ذكرنا وكيفية ذلك أن يقول : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد والسادسة عشرة الدعاء بعده أي بعد ما ذكر من التشهد والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - لنفسه بدعاء يشبه ألفاظ القرآن أو السنة أو يستحيل طلبه من الناس وتفسد إن دعا بما يمكن طلبه منهم وكذا يدعو لجميع المسلمين* والمسلمات من غير تعيين أحد بلسانه حتى لو عين بأن قال اللهم اغفر لعمي أو خالي أو لزيد مثلا تفسد صلاته بخلاف اللهم اغفر لأبي لأنه يشبه ألفاظ القرآن وإنما يبدأ بالدعاء لنفسه لأنه حين يقدم من حضرة مناجات ربه حاملا لأنواع التحف والقبول يصادف نفسه واقفة عند باب دنياه مفتقرة ترجو النوال فلو عدل عنها لداخلة الغرض في الصرف إلى فقير دون فقير فيبدأ بها ثم لا ينسى بقية إخوانه من المسلمين والمسلمات والله الموفق والسابعة عشر كون السلام الواجب كما سبق واقعا من المصلي يمنة أي على جانبه الأيمن أولا ويسرة أي على جانبه الأيسر ثانيا حتى لو عكس كره له قال في فتح القدير ولو سلم عن يساره أولا يسلم عن يمينه ما لم يتكلم ولا يعيد عن يساره ولو سلم تلقاء وجهه يسلم عن يساره أخرى والخاص من سنن الصلاة ببعض المصلين والصلوات عشرة الأولى جهر الإمام بالتكبير بحيث يسمع من خلفه من المقتدين حتى لا يحتاجوا إلى المبلغ سواء كان في تكبيرة الإحرام أو غيرها من التكبيرات ومثله التسميع والثانية مقارنة تكبيرة المقتدي تكبيرة الإمام بحيث تكون بدايته عند بدايته وختمه عند ختمه وهذا عند أبي حنيفة وعندهما الأفضل بعد تكبيرة الإمام بحيث يوصل المقتدي همزة الله أكبر براء أكبر والثالثة متابعته أي المقتدي له أي لإمامه في سائر أي جميع أفعاله أي أفعال إمامه وقد سبق عد المتابعة من الواجبات فيما لم يحسب من صلاته ومن الفرائض فيما حسب فلعل المتابعة هنا فيما عدا الفروض والواجبات يعني في السنن والمستحبات كالقومة من الركوع والجلسة وغير ذلك وربما ذكر الأفعال يشمل الأقوال فتدخل التسبيحات وتكبيرات الانتقالات ونحو ذلك ويشير إلى ذلك قوله في سائر أفعاله لأن سائر مشتق من السؤر وهو البقية يعني في باقي أفعال الإمام وقد سبق ذكر المتابعة فيما هو غير محسوب له ويجب عليه وفهم من ذلك أن المتابعة فيما هو محسوب له فرض فتبقى المتابعة المسنونة فيما عدا ذلك فتأمل والرابعة التعوذ للمصلي الذي يقرأ في أول صلاته مرة فلا يأتي به المقتدي إلا إذا قام للقضاء ولا يتكرر في كل ركعة من الفروض والسنن المؤكدات ويكون في أول كل شفع من غير المؤكد والنفل وهو أعوذ بالله من الشيطان الرجيم واختار بعضهم أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم لموافقة لفظ القرآن والخامسة إخفاؤه على كل من يسن في حقه والمراد إسماع نفسه به لا ما دون ذلك والسادسة التسمية وهي أن يقول بسم الله الرحمن الرحيم والظاهر أن مطلق ذكر الله لا يكفي في حصول سنتها هنا بخلاف ما صرحوا به في تسمية الوضوء أن المراد بها مطلق ذكر الله تعالى وينبغي أن لا فرق لأن الخلاف في الفرضية كاين في الموضعين فقال الشافعي بفرضيتها في القراءة وقال أحمد بفرضيتها في الوضوء فتأمل بعده أي بعد التعوذ فلو سمى قبله فاتت السنة والسابعة إخفاءها أي التسمية لما روي عن وائل عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان يخفي بسم الله الرحمن الرحيم والاستعاذة وربنا لك الحمد وعن أنس رضي الله عنه صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وكلهم يخفون بسم الله الرحمن الرحيم إلى آخر ما بسطه كذا في فتح القدير وهذه الأربعة وهي التعوذ وإخفاؤه والبسملة وإخفاؤها سنة للإمام والمنفرد والمسبوق كما ذكرنا والثامنة التأمين بأن يقول آمين بالمد والقصر اسم فعل بمعنى استجب أوبمعنى كذلك فليكن وتشديد الميم خطأ سرا بأن يسمع نفسه به لهما أي للإمام والمنفرد وكذلك المسبوق وللمقتدي أيضا ولكن في الصلاة الجهرية وينبغي أن يقيد بما إذا سمع إمامه قال ولا الضالين وأما البعيد والأصم وفي السرية فلا حتى لو سمع في السرية قول الإمام ولا الضالين فقيل يقول آمين لظاهر الحديث إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه متفق عليه وقيل لا يقول ذلك لأن ذلك الجهر لا عبرة به كما أشار إليه في فتح القدير والتاسعة التسميع وهو أن يقول سمع الله لمن حمده بسكون الهاء كما هو شأن الواقف وفي عمدة الفتاوى لو قال سمع الله لمن حمده بسكون الميم تفسد صلاته وفي عمدة الإسلام لو قال سمع الله لمن حمد بغير هاء تفسد أيضا ذكر ذلك شارح هذا الكتاب ابن مير درويش النجاري رحمه الله تعالى للإمام فإنه يحث به القوم على أن يقولوا ربنا لك الحمد وللمقتدي وإن لم يسمع تسميع الإمام التحميد بأن يقول ربنا لك الحمد أو ربنا ولك الحمد أو اللهم ربنا لك الحمد أو اللهم ربنا ولك الحمد أربع روايات منقولة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وللمنفرد الجمع بين التسميع في حالة الرفع والتحميد في حالة الاستواء قائما وقيل يكتفي بالتحميد في أي صلاة كان من الصلوات المفروضة وغيرها السرية والجهرية والأداء والقضاء وهو قيد التسميع والتحميد والجمع والعاشر افتراش المصلي رجله اليسرى على الأرض للجلوس عليها مع نصب رجله اليمنى بأن يضع رؤوس أصابعها على الأرض في القعدة الأولى والثانية وكذلك قعدة السهو للرجال والصبيان وللنساء والخناثى التورك وهو الجلوس على الإلية اليسرى وإخراج الرجلين من الجانب الأيمن لأنه أستر لهن وتلحق البنات الصغار بالنساء .
Página 26