من ضرورات فن سياسة الأمم، معرفة طائفة من الألفاظ المؤثرة؛ لأن فعلها أشد من فعل الأدلة العقلية غالبا.
لبعض الصيغ الدينية قوة سحرية هائلة، فكم من أناس ضحوا نفوسهم في سبيل أقوال لم يدركوا مراميها، وإن تجردت عن كل معنى معقول.
أهمية المسميات في السياسة، دون أهمية الأسماء، فكم نفذت نظريات من الخرق بمكان، في ظل ألفاظ حسنة الانتقاء.
لبعض الألفاظ والجمل، قوة في استحضار الصور. لكنها لا تدوم طويلا، فتبلى ولا تعود ذات أثر في الناس.
لا يتغير اللفظ المخطوط إلا ببطء. أما معانيه والصور التي يحدثها، فسريعة الزوال، وعليه لا يدل الكلام القديم، إلا على معنى قديم.
اللسان يسبق العقل في كثير من الناس. أولئك إنما يعرفون ما يجول بخواطرهم، بعد أن يسمعوا ما يقولون. (7) الإقناع (7-1) الإلقاء في النفس، والتكرار، والعدوى
التوكيد والتكرار والنفوذ والتلقين والعدوى، خمسة أبواب لكتاب تام في فن الإقناع.
الإقناع حمل المخاطب على العمل، لا إلزامه الحجة.
قد تلزم الأدلة المخاطب الحجة، ولكنها لا تحمله على العمل دائما، وأما التلقين والتكرار والعدوى، فإنها تنفذ إلى المشاعر اللاتنبهية فتنقلب أفعالا.
عدوى العقول آكد عامل في نشر الأفكار والمعتقدات، وقلما تأتي المعتقدات السياسية من غير هذا السبيل، ثم يحاول صبغها بصبغة المعقولات لتبريرها.
Página desconocida